الجمعة، أبريل ٢٠، ٢٠٠٧

القوة الناعمة


الـقـوة الـنـاعـمة

القوة ا
لناعمة او اللينة اصطلاح جديد طرحه جوزيف ناي (عميد في جامعة هارفرد، رئيس مجلس الاستخبارات الوطني الاميركي، ومساعد وزير الدفاع في عهد ادارة بيل كلينتون) يقول ناى ان القوة العسكرية ( القوة الخشنة ) لم تعد لها الفعالية المطلوبة الان ، و أنه من الصعب أن تقوم البلدان القوية بتنفيذ أجندتها الخاصه من خلال القوة العسكرية فقط . و يمكن التدليل على كلام جوزيف ناى بأن ميزانيه وزارة الدفاع الأمريكية تعتبر هى الأعلى في تاريخ العالم و لا يمكن مقارنتها بأى ميزانية أخرى و رغم ذلك فإنها لم تستطع أن تنفذ المشروع الخاص بها في العراق و أفغانستان . لكنه يقترح بدلا من ذلك أن نستخدم بديلا عن القوة العسكرية (الخشنة ) نوع أخر من القوة يقول ناى انه (جعل الاخرين يريدون ما تريده انت، هو ما اسميه انا بالقوة الناعمة- بهذه الطريقة تكسب الناس بدلاً من اجبارهم).!؟
و هذا سيتم من خلال الترويج لنوع معين من الثقافه أو الأيدولوجيا او الثقافه ...إلخ ، حتى تصبح نموذج يتمنى الجميع ان يصبح مثله . و بالتالى تقوم بتنفيذ أجندتك الخاصه برغبات الأخرين و بطلبهم أيضا !! و كمثال مصغر على ذلك فإنه يمكن للوالدين ان يجبرا أبنائهم على القيام بأفعال معينه من خلال معاقبتهم او منع المصروف عنهم و غير ذلك من الوسائل لكنه من المؤكد انه بعد أن يكبر هؤلاء الأبناء فإن منهم من سيتخلى عن هذه الأفعال ( إن لم يكن كلهم !!) ، اما لو إستطاع الوالدين ربط هذه الأفعال بمجموعه من القيم و الأفكار والمبادئ و إقناعهم بهذه القيم و الأفكار و بالتالى اهميه هذه الأفعال التى يقومون بها فإنه بعد ان يكبر هؤلاء الأبناء سيظل لديهم نفس الحماس للقيام بهذه الأفعال التى تعلموها من ابائهم . لكن هذا المثال ينقصه شئ مهم لتطبيقة على فكرة (القوة الناعمة )هو ان الوالدين إستطاعا ( إقناع ) اولادهم بهذه الأفكار و القيم لكن عند إستخدام القوة الناعمه فإنك لا تقوم فقط (بإقناعهم) بل( و إغرائهم ) أيضا!؟؟
و إذا طبقنا هذه الفكرة على الوطن العربى سنجد أن دولا مثل مصر و العراق و سوريا كانت تمارس حتى وقت قريب نوع من القوة الناعمه على البلدان العربية الأخرى . فأغلب الوطن العربى كان ينظر لما تفعله تللك الدول في السياسة و الإقتصاد و الثقافة و الفن ليصبح النموذج الذى يرغب الجميع في تطبيقة و يرغب بشده في ذلك . أما الآن فإن دولا أخرى مثل قطر و الإمارت و لبنان و الأردن أصبحت _بحق _ تمارس هذه القوة الناعمة على الدول العربية الأخرى .فنموذج (قطر _الإعلام و السياسة) و (دبى _الإتصالات و التعمير ) و (لبنان_ الحرية و المقاومة ) و (الأردن _ الثقافة و التعليم ) أصبحت ( مغرية ) لبعض الدول العربية ودفعتها إلى تبنى هذه النماذج و إعاده إنتاجها مرة أخرى في بلدانهم .
فهل سقطت النماذج القديمة (مصر_سوريا_العراق) إلى غير رجعه في استخدام القوة الناعمة لتقوم دول اخرى(( قطر_دبى_لبنان_الأردن)) بممارسه هذا الدور ؟؟!
وهل تعى المجموعه الجديده أنها تمارس هذا الدور أم لا ؟







الاثنين، أبريل ٠٢، ٢٠٠٧

يـــوم التخرج


في ليله من ليالى الصيف الحارة و التى لم يكن يخفف من حرارتها إلا تيار هواء خفيف ياتى من وقت لأخر ليمر على الوجوه المتعبه فيبعث فيها الروح بعد أن خنقتها الحرارة ، و في جو عائلى حميم جلست أفراد عائلتى لتستمع إلى إختياراتى التى سأكتبها في ورقه التنسيق و التى من خلالها سوف أحدد الكليه إلى سأدرس بها ، و كان الكل في انتظار سماع الإختيار و هل سينتهى إلى الطب كما يتمنى أبى ام سيتجه إلى الصيديله كما يتمنى خالى !
و قتها كنت جلست لأفكر ماذا اختار ، و في غياب هدف واضح لحياتى أو وجود أى مشروع فكرى أو ثقافى أتبناه بالإضافه إلى حاله غياب الوعى التى كنت أمر بها في هذه الفترة كل هذا دفعنى إلى حصر اختيارتى في كليتبن لا ثالث لهما : الطب أو الصيدله . ووقتها لم احاول أن اسئل نفسى أسئله هامه و مصيريه في وقتها من نوعيه : مالمواد التى أحبها و أهواها ؟ و ماهى الكليه الأنسب لقدراتى ؟ و هل مستقبلى كطبيب أو صيدلى هو المستقبل الذى أحلم به أم أن لدى احلام أخرى و مجالات اخرى ربما أبدع فيها أكثر ؟ .

كل هذه الأسئله لم تمر على خاطرى في تللك الفترة ، و ظل تفكيرى منحصرا في الطب او الصيدله . إلى ان انتهيت إلى إختيارى كليه الطب _رغم محاولات خالى معى لدفعى إلى أختيار الصيدله _ و ذلك لقناعه تولدت لدى إلى أن الناس تقدر الطبيب و تحترمه_مهما كان مستواه _ عن أى مهنه أخرى و أن هذا جزء من ( العقل الجمعى ) الذى يسيطر على أغلب المصريين !
و في هذا الوقت كان قد بدأ لدى فكرة القراءة و الثقافه فى التوالد داخل وجدانى ، فاردت أن أكسب إحترام الناس ( بصفه أوليه ) بسبب كونى طبيبا ، ثم احترامهم ( ثانيا ) بسبب كونى مثقف !
و رغم غرابه التفكير _ و الذى يبدو لى الآن صبيانيا و أقرب إلى تفكير المراهقين _ إلى أن هذا ماتم . و أقنعت نفسى أن المذاكرة قد انتهت بانتهاء الثانويه العامه و أن كليه الطب سوف أجد فيها الوقت الكافى للمشاركه في الإنشطة و للقرأة . و لا أعلم حتى الآن من أين جائتنى هذه الفكرة .!!

لكننى اكتشفت أن ما كنت أفكر به هو محض خيال ، و أنى قد و قعت في الفخ بقدمى ، مثل الفريسه التى نصب لها الفخ ووضع بداخله قطعه طعام جميله الشكل و الهيئه لكنها عندما تقترب من قطعه الطعام فإنها تكون قد جنت على نفسها بنفسها ! و اكتشفت مدى كميه المعلومات التى يجب على إستذكارها كل يوم و كميه المحاضرات التى يجب علي حضورها و الإستماع إلى شرحها ، بالإضافه إلى العملى و خلافه . دخلت في دوامه من الجحيم المتواصل .
و جلست ليالى طويله أفكر عن سؤال لم أجد له اجابه حقيقيه : لماذا التحقت بكليه الطب ؟
مالذى جاء بى إلى هذا الجحيم ؟
أمام احدى الكتب التى أذاكر منها ، و في يدى قلم ، و تحته و رقه بيضاء خاليه من أى شئ أحاول أن أجد سببا يجعلنى أكمل المسيرة . أو دافعا يحفزنى على البقاء . لكن الكليه لم تترك لى كثير و قت لكى أفكر فلم أجد إلا و أننى في الفرقه الرابعه و أن تركى للكليه في هذا الوقت معناه اهدار حقيقى لعمرى ، و ان أى تحويل للمسار معناه تحدى للعائله و المحيطين بى ةهة أمر لا طاقه لى به . و هكذا مرت باقى السنيين بين ندم شديد و حسرة على ما ينقضى دون ان انجز فيه مااريد ،و بين أمل في يوم أنهى فيه دراستى في هذه الكليه لأبدأ مشوار حياتى ( الحقيقى ) . و تحول يوم خروجى من الكليه بالنسبه لى إلى (يوم ميلادى الثانى ) الذى انتظره بفارغ الشوق . أنه يماثل لدى يوم يوم خروج السجين من محبسه أو يوم ان يحصل العبد على حريته !، لقد تحول هذا اليوم _و الذى هو يوم إنهاء الدراسه في كليه الطب _ إلى خيط الأمل الرفيع الذى اتمسك به لكى تبقى روحى حيه .
الآن و قد جاء اليوم الذى أحلم به فإننى أقف على الباب تاركا خلفى 6 سنوات و نصف من المعاناه و الألم بالإضافه إلى الأمال و الطموحات و أنظر إلى الطريق أمامى فاجده ملئ بالضباب فيزداد شعورى بالرهبه . و يخرج من داخل عقلى سؤال يظل بلا إجابه حقيقيه : هل فعلا كليه الطب كانت هى العقبه التى تقف أمام تحقيق أحلامك و طموحاتك و بالتالى بعد إنتهاء الدراسه بها تستطيع أن تبدأ في تحقيق ما تحلم به . أما أن كليه الطب كانت الحجه التى تحاول التمسك بها لكى لا تبذل كثير جهد في المذاكرة و لكى لآ تحاول _في نفس الوقت _أن تبدأ خطوات عمليه حقيقيه تجاه أحلامك متعللا إستحاله حدوث ذلك أثناء الدراسه ؟
السؤال يعصف بالوجدان و يهز الكثيرين _مثلى _ من الأعماق . لكن إجابته لن نستطيع الحصول عليها الآن . بل علينا الإنتظار لفترة لنرى ماذا سنصنع في الحياه و ماذا ستصنع الحياه بنا .!
إننى مثلى غيرى سوف أنتظر كل المواهب الشابه والحقيقيه التى قابلتها في الكليه في القصة و الشعر و في الإعلام و السياسه و في الإدارة و في غيرها من المجالات لأرى مالذى قدمه كل منهم بعد أن ترك كليه الطب خلف ظهره . و أتمنى أن ينجح الجميع و أنا معهم فى تحقيق أحلامهم . لكنى أعتقد أن هذا لن يكون سهلا أو بسيطا .
لكننى رغم ما مر بى في الكليه من متاعب إلا اننى في النهايه قد أستفدت منها إستفاده ليست بالقليله ، يكفى مقدار الحريه التى تتوفر في المجتمع الجامعى والتى تسمح لك بالكثير من الأنشطة و الفعاليات .أو حتى تسمح لك بان تلتقى بافراد من تيارات و أتجاهات أخرى و ان يجلس الجميع للتحاور و النقاش . و رغم أننى اتفق مع الكثيرين في أن الحياه الجامعيه تنقصها إلى الآن الكثير و الكثير إلا أنه تبقى الجامعه في النهايه أفضل من غيرها . أن التفعاعل مع الأحداث العامه يبلغ ذروتها في الجامعه و يكفى أن نتذكر أن الطلاب في المدينه الجامعيه في الأزهر كانوا هم اول من تفاعل مع حادث إستشهاد الشيخ احمد ياسين و حادث استشهاد الدكتور الرنتيسيى . و ان الطلاب كانوا دائما في صدارة الصورة عند الحديث عن الأحداث الخارجيه في العراق و فلسطين و سبقوا بخطوات الكثير من الأحزاب و الهيئات السياسيه في المجتمع المصرى في تللك النقطه . و أنهم شاركوا بفاعليه في الحياه الطلابية من خلال أفكار جديده و مؤثرة مثل فكرة الإتحاد الحر الذى كان كالحجر الذى قذف في المياه الراكده فحركتها . كل هذه الفعاليات و الأنشطه ما كانت لتتم لولا مقدار ( الحريه النسبيه ) التى تتمتع بها الحياه الجامعيه . هذه الحريه أدت إلى المزيد من الأنشطه و الفعاليات التى أدت بدورها إلى بروز قيادات و عناصر شابه مؤثرة في سن صغيرة ، و هى ميزة هامه جدا لا يمكن إكتسابها إلا من خلال الحياه الجامعيه . فعندما يكون الطالب عمره 20 عام و يستطيع التحدث في الشان الداخلى و يعرض و جه نظره و يناقش و جهات نظر الأخرين فان تلك ميزة لن تتوفر لغيره فيمن لم يلتحقوا بالحياه الجامعية و لم يشاركوا في الأنشطة الطلابية أثناء الدراسة .
إن كميه المهارت و الخبرات التى أكتسبتها من خلال الحياه الجامعيه لا يمكن أن أتخيل الآن كيف كان يمكننى أن اكتسبها لولا مشاركتى في الأنشطة و الفععاليات الطلابية . هذا بالإضافه إلى أنه أثناء تلك الفترة فإن المجتمع-في أغلب الأحيان _ يستطيع ان يتقبل أخطاء الشاب الجامعى و أن يتسع صدر المجتمع لهذه الأخطاء.و أن يلتمس له العذر بسبب صغر السن أو قله الخبرة و بالتالى فإنه يمكنك ان تتعلم من أخطاءك و أن تستفيد منها .
الآن ، بعد أنتهاء الدراسه ،فغن الجميع يقف على خط واحد في إنتظار طلقه الإنطلاق ليبدا كل فرد في تحقيق حلمه الخاص أو الحلم العام . البعض يحلم بتحقيق ( العربية ، العمارة ، العياده ، العزبة ، العروسه ......و غيرها ) و البعض يحلم بنحقيق إنجازات علميه و التعيين في الجامعه والمشاكرة في الحياه الطبية العلمية بقوة ، أخرون يحلمون بقليل من الدخل و كثير من الأستقرار و حياه أسريه هادئة و نمط حياه منتظم . من البيت إلى المستشفى و من المستشفى إلى العياده ثم إلى البيت و لا مانه من بعض الفسح من أن لأخر . لكن هناك من يحلم بان يكون اديبا كبيرا أو صحفيا لامعا أو إعلامى متميز أو ناشط سياسي ......و غيرها من الأحلام التى لا تبدو متسقه مع كونه طالب طب . إلا ان الحقيقه الثابته أن الجميع الآن على خط البدايه و أن من أستطاع أن يعد نفسه أثناء الدراسه لهذا اليوم كى يستطيع أن يحقق حلمه هو الفائز الحقيقى .
الكل الآن فرح بيوم التخرج و الفرحه اخذت أشكال متعدده من طبل و رقص و زغاريت و حاله هيستيريه جماعيه إنتابت الطلاب في ذلك اليوم . لكن ستظل الفرحه الحقيقيه بيوم التخرج هى التى سنشعر بها بعد 10 سنوات أو 20 او حتى 30 عام عندما نجلس و سط أبناءنا و أحفادنا في جلسه عائليه يملأها الحب و الود لتحكى لهم عما قمت بإنجازه في حياتك و ما حققته لنفسك و للأخرين . ووقتها سوف تؤكد لهم ان يوم التخرج كان هو البدايه الحقيقه لك . و انه كان نقطة البدايه الفعلية لما انجزته بعد ذلك . و وقتها سوف تعلن كم أنك سعيد جدا بيوم التخرج .