الخميس، ديسمبر ١١، ٢٠٠٨

أحيا الناس جميعا


: إنت إتكتب لك عمر جديد يا ابويا 
: ربنا يخليك يا دكتور 
: إنت لو تعرف إللى حصل لك إمبارح هتفضل طول عمرك تقول :الحمد لله .....و متكفيش 
: كله بفضلك يا دكتور 
: كله بفضل ربنا ، قول الحمد لله 
هذا المريض كتبت له حياه اخرى من لا شئ على الإطلاق ، و عندما اتصور ان هذا المريض لو تغيرت الظروف لكان الآن في تابوت في إنتظار ان يصلى عليه صلاه الجنازة بعد صلاة الظهر ، و زوجته تواصل معزوفه "الصويت " الأخيره ، و ان أبنائها الصغار كل منهم سوف يظل يفكر لمده طويله _و ربما طوال العمر _ عن مصدر للرزق فإنى أرجع و أقول " فكأنما أحيا الناس جميعا " . 
نحن بالفعل لا نعرف قيمة ما نقول و ما نسمع إلا بعد أن نمر به فعلا و نكون جزأ منه ، و قتها يمكننا فقط ان نقول نفس الكلمات التى كنا نرددها من قبل و لكن "بطعم " مختلف . 
وقف هذا المريض الليله السابقة على باب العناية المركزة باديا عليه أثار إرهاق من تلك التى يمكن أن تشاهدها على وجه فلاح مصري بسيط قضى طول النهار في فلاحة الأرض و عاد ليلا في قمة التعب بعد كل هذا الجهد البدنى الذى بذله طوال اليوم . 
فلاح مصري بسيط مثله مثل أى فلاح مصري أخر 
فالكل سواء في الشكل 
و السمت 
و الجهل 
و المرض 
..........
.........
وطيبة القلب 
وترك الأمور تجرى كما أراد الله بدون إظهار أى محاوله لتغييرها . !
مشتكيا من ألم "بسيط " في صدره لكنه ليس بالمؤلم و لا بالمقعد عن الحركة . 
العمر في أواخر الثلاثينات أو أوائل الأربعينات .......هذا على الورق 
أما في الواقع فإن ملامح الستينات تبدوا بادية عليه بوضوح 
فلاح مصري أصيل أنهكته الأرض حتى قضت على صحته في عز شبابه .
لا يوجد أى تاريخ مرضى للعلاج من أى امراض لكننى أقسم من الآن اننا لو نظرنا إلى كبده فسوف نجد هذا المنظر المصرى الصميم " كبد صغير الحجم رغم كبر بطنه محاط ببركة من السوائل له حواف غير مستوية و له طحال طوله أعلى من أى طول مكتوب في الكتب الإفرنجية التى نذاكر منها " 
طبيب الإمتياز وقف حائرا : هل يرده من حيث جاء ام يقوم بعمل رسم القلب له ؟ 
لو كان يعانى من ذبح صدرية أو بدايات جلطة فإنه بالتاكيد سوف يعانى من ألم " شديد " في الصدر وليس مثل هذا الألم "البسيط " 
و لكنه لأنه طبيب امتياز لازال في مقتبل حياته فإنه قرر أن يطلب منه عمل رسم قلب للإطمئنان لا أكثر .
استئذن من النائب الموجود في هذا الوقت في العناية فأذن له . 
وما هى إلا ثوانى قليله و كان مدير المستشفى و مدير قسم الحالات الحرجة في زيارة مفاجئة إلى العناية بعد منتصف الليل من أجل الإطمئنان على إحدى المريضات .........بالطبع ليست مريضه عادية بل مريضه تم التوصيه عليها من طبيب كبير او مسؤل كبير في المحافظة و إلا فإن المكان الطبيعى لمدير المستشفى الآن هو عيادته الخاصه او سريره الخاص !! 
وعمت الفوضى العناية .........
تجمع الأخصائى و النواب و اطباء الإمتياز حول مدير المستشفى ، الكل يحاول يظهر أنه موجود و انه حاضر ، و الكل يريد ان يمد يد المساعده لهذه المريضة " الغلبانة " . 
وجائت الممرضه إلى طبيب الإمتياز مسرعه برسم القلب الخاص بالفلاح و هى تحاول أن تلحق "بالزفه " المقامة الآن حول سرير المريضه و مدير المستشفى . 
رسم القلب تم عمله بطريقه خاطئة أدت إلى عدم ظهور جزء منه . 
طبيب الإمتياز في حيره من أمره ........
نادى على الممرضه 
جاءت إليه و علامات "القرف" على وجهها من هذا الطبيب الصغير الذى ليس لديه خبره مثل تلك التى لديها بعد 10 سنوات قضتها في هذا القسم و اصبحت بعدها على ثقة من أنها أفضل من أى طبيب هنا و أن ما ينقصها فقط هو أن تتحدث الإنجليزية !!!
طلب منها بأدب ان تعيد رسم القلب مرة أخرى 
: لأ ، أعيده ليه ، ما هو قدامك أهو ؟ إيه إللى ناقصه ؟ 
: رسم القلب ناقص و مينفعش الحكم على المريض بيه . 
: مش مهم الجزء إللى ناقص ، أهم حاجة الجزء إللى موجود ميكونش فيه حاجة 
: مينفعش ، رسم القلب لازم يتعاد من اول وجديد و يتعمل صح عشان نقدر نحكم على العيان . 
: انا مش هعمل رسم قلب تانى . 
: يعنى إيه مش هتعملى ؟!! 
: مش هعمل تانى ، رسم القلب يتعمل مرة واحده .....هو إحنا فاضيين عشان نعمل لعيان رسم قلب مرتيين . 
طبيب الإمتياز شعر أن البقية الباقيه من كرامته تهان الآن من قبل الممرضة التى تعلن بصراحة و بدون مواربه انها لن تنفذ أوامره لأنها تشكك في قدراته الطبية . 
وكأى طبيب إمتياز جديد .....بدأ الصراع النفسي يشتد 
لكنه أتخذ قراره 
إنت هتعيدى رسم القلب ده حالا ....أنا الدكتور هنا ، و انا إللى أقول رسم القلب ده ينفع و لا لأ . 
كان صوته قد ارتفع لدرجة لاحظها كل الموجودين بالغرفة دون أن يعلقوا عليها 
وشعرت الممرضه أنها فى موقف محرج فذهبت غاضبة لإعاده رسم القلب . 
الطبيب ظل واقفا في مكانه 
حاله من الإرتباك تسيطر عليه 
طائفه الموالسين لازالت مع مدير المستشفى لا تلقى بالا لهذا المريض الفقير الذى يشتكى من ألم "بسيط " في صدره . 
و الممرضه تعيد رسم القلب للمرة الثانية و هى في قمة الغضب 
و الطبيب في الإنتظار . 
..........
جاءت الممرضع تحمل رسم القلب للمرة الثانية 
وبدا أن هناك شئ ما غير طبيعى 
ذهب طبيب الإمتياز إلى النائب 
: فين الحاله دى ؟ 
:في أول العناية 
: دى لازم تتحجز بسرعه ، دا عنده جلطه على القلب . 

::::::::::::::::::::::::::::::::::::::

 


الاثنين، ديسمبر ٠١، ٢٠٠٨

الحلم الجميل

من كان ذا حلم وطال به المدى .....فليحمه 
و ليحم أيضا نفسه من حلمه 
فالحلم يكبر أشهرا في يومه 
ويزيد دين الدهر حتى يستحيل 
فإذا أستحال ترى ابن أدم راضيا من أى شيئا بالقليل 
لا تقبلوا بالقبح يا أهلى مكافئه على الصبر الجميل 
فالصبر طول الدهر خير من خلاص كاذب
مافيه من صفه الخلاص سوى إسمه 
مقطع من قصيده : 
العرش الخلي من الملوك