الأحد، يونيو ٠٤، ٢٠٠٦

دا احنا زارنا ( أبوعلاء ) ....!!


كانت الشمس تلفظ أنفاسها الأخيرة و أنا داخل عربه الأجرة التى تذهب بى إلى محافظة الفيوم قادما من القاهرة ، و ما أن بدأت السيارة في التحرك حتى بدأ السائق في الحديث عن متاعبه اليومية بدأ من مخالفات المرور التى توجه له(على الفاضى و المليان ) و على كمية الرشاوى التى يعطيها من يريد أن يبحث عن رزقه في شوارع ميدان الجيزة مرورا بمشاكل الأولاد والبيت و غلاء الأسعار و إنتهاء برجال الأعمال ( الهاربين بفلوسنا ) كما قال السائق و التحسر على الأيام التى كانت سرقه الملايين فيها حدثا عظيما تهتز له البلد . ( في أثناء كلام السائق تذكرت خبرا كنت قد قرأته في موقع المصريون يتحدث عن القبض على سائق عربية أجرة في إمبابه لأنه كان يحدث الركاب عن الحرامية إللى ماليين البلد ......و كان الظابط الذي قبض على السائق أحد الركاب !!) . و في أثناء الطريق لفت السائق نظرى إلى التغيرات و التحسينات التى تحدث في الطريق ، و أرجع ذلك إلى إشاعات تتحدث عن أن ( الراجل الكبير ) هيزور الفيوم قريب ، و إن كل ده بيحصل عشان خاطر إستقباله . لكنى إستبعدت هذا الخبر ، و مصدقتش إنه بعد أكثر من 25 سنه أخيرا مبارك هيزور محافظتنا .....طيب و يزورها ليه أصلا ؟ هو كان فيها إيه أتغير ، و لا إيه إلى جد في البلد علشان يزورنا .
في صباح اليوم التالى
كان الطريق الصحراوى بين الفيوم و القاهرة مغلق تماما ، و توقف المرور فيه وامتلئت الشوارع بعربات مكتوب عليها كلام ( جامد قوى ) و يخوف ، من عينه ( المخابرات ) ( حرس جمهورى ) ( أمن دوله ) . ووضعت الحواجز في الطرقات لمنع المرور بالإضافه إلى وجود حواجز للتفيش الشخصى على طول الطريق .
بالإختصار .....
الطريق مقفول تماما .!! و فجأه و جد طلاب الجامعات أنفسهم في مأزق ، فهم لا يستطيعون الوصول إلى الجامعه لأداء الإمتحانات لأن الطريق مغلق .و بعضهم قد يكون الإمتحان بالنسبه له في هذا اليوم مسأله حياه أو موت . و مع توالى الضغط سمح الأمن بنصف ساعه فقط لنقل الطلاب _والطلاب فقط_ إلى الجامعه ، و أى عربه كانت تفتش و يوجد بها أحد غير الطلاب كانت تعود مرة أخرى من حيث أتت .لكن المشكله أن الكثيرين لم يكونوا يعرفوا موعد هذه ( النصف ساعه ) التى فتح فيها الطريق ، بالإضافه إلى أن كل كليه و لها ميعاد إمتحان مختلف عن الكليات الأخرى ، و بالتالى يبدو منطقيا أن الطلاب لن يذهبوا إلى الجامعه في نفس الوقت . لكن كل هذا لا يهم .....
أحد من أعرفهم حكى لى عن طالب يعيد سنه الليسانس و لديه إمتحان واحد فقط في التيرم الثانى ، هذا الإمتحان _ لبخته الإسود_ كان يوم زيارة مبارك .؟؟!! فاضطر الطالب إلى السفر إلى بنى سويف _ عن طريق إستخدام الطرق الخلفيه _ و منها للذهاب إلى الجامعه . لكنه لسوء الحظ تعرض إلى حادث في الطريق .نقل على أثره إلى المستشفى .!!
والدى روى لى أيضا عن أحد زملائه في العمل أن إبنته _الطالبه في كليه الطب البيطرى _ تأخرت بسبب غلق الطريق على الإمتحان لمده ساعتين ، و كان مطلوب منها في الساعه المتبقيه أن تقوم بحل أسئله إمتحان مدته 3 ساعات ؟! لكنى علقت على هذه النقطة بالقول : ( تبوس إيدها و ش و ضهر إنها و صلت الإمتحان ، هى أحسن من غيرها ، ده فيه ناس هتعيد السنه عشان إحنا زارنا الريس ...؟!) .
على الجانب الأخر ..... كان أصحاب الحالات الحرجة والمرضيه هم أكثر الناس معاناه ، لكن أدع للقارئ تخيل أن يكون أحد أقاربك أو أحبابك _لا قدر الله _ مريضا أو في حاله حرجة و يجب أن يذهب الآن إلى المستشفى ، لكن هذا لن يحدث إلا بعد إنتهاء زيارة مبارك ؟!!
كيف سيكون شعورك ؟؟
و كيف ستتعامل مع الموقف ؟؟
و هل أكون من القله المندسه ،الحاقدة، الهمجيه، أصحاب النظرة السوداويه ،و الذين لا ينظرون إلا إلى نصف الكوب الفارغ ،و لا يرون الإنجازات التى لا تخطئها العين ،إذا قلت أنه من الممكن أن يكون هناك مرضى قد (ماتوا ) لإن إحنا زارنا الريس ..؟!
طبعا الحديث الآن عن الموظفين الذين لم يذهبوا إلى أعمالهم ، أو عن رجال الأعمال الذين تعطلت مصالحهم ، أو الحديث عن تعطل مصالح الناس العاديه يبدو نوعا من الترف الذي ( لا محل له من الإعراب ) الآن ، لأن إحنا زارنا الريس ..!!
ممكن سؤال : إحنا زارنا الريس ليه ؟؟ عشان يفتح مصنع ( مكرونه ) تابع للقوات المسلحه !!، و عشان يفتح محطة صرف صحى شغاله من سنين ، و عشان يفتح فندق للقوات المسلحه على بحيرة قارون . ممكن أضيف معلومه بعد إذنكم ...؟؟
إن إللى حصل ده من غلق للطرق ، و من نشر لقوات الأمن في كل مكان (بفئاتها المختلفه بدأ من المباحث و إنتهاء بالمخابرات ) ، و من إنتشار المخبرين في تجمعات في كل شارع ، و من تعطيل لمصالح الناس سواء الطلاب أو المرضى أو غيرهم من فئات الشعب المختلفه حصل و مبارك كان راكب طيارة هليكوبتر عشان تسهل عليه تنقلاته !! أي والله ...
كل ده وهو راكب طيارة هليكوبتر . و أنا مش قادر أتخيل إيه إللى كان ممكن يحصل لو فكر _ مثلا _ بإنه يلتحم مع شعبه الحبيب و يتمشى معاهم ؟!
أو إنه ينزل _شخصيا _لتفقد أحوال الرعيه ، أو أنه يسأل بنفسه المواطنين في المصالح الحكوميه و المدارس و المستشفيات عن الخدمات و مدى جودتها ، و هل الشعب راضى عنها ولا لأ .
( تحذير طبى : محاوله تخيل ذلك من الممكن أن تؤدى إلى أرق ، و كوابيس ، و إرتفاع في ضغط الدم ، و قد تؤدي إلى الإصابه بجلطه في المخ ،و تصلب في الأوعيه الدمويه لذا فإن الموقع غير مسؤل عن أى أضرار صحيه _سواء بدنيه أو نفسيه _ قد تنتج من محاوله تخيل ذلك ، و قد لزم التنويه للأهميه ).
لكن _ياجماعه_ الصورة ليس بهذا السوء ،
لأن هناك جوانب اكثر سوادا ؟!
فمثلا بعض المواطنين حاولوا الإحتجاج على هذا الوضع ، و لم يقبلوا ما يحدث لهم من تعطل لمصالحهم ، و منعهم من الحركه والسفر ، فتقدم أحدهم إلى أحد اللجان الموجوده على الطرقات و طالب من ظابط الشرطه (الذي يقف بجانب عربية مكتوب عليها مخابرات ) أن يسمح له بالمرور لأن لديه مصالح يجب أن ينجزها اليوم ، بالطبع الظابط تعامل معه بالإحترام الواجب ، فطلب من 5 مخبرين أن يقوموا ( بإعطائه ) علقه ( ساخنه ) بديلا عن تأخره . ثم انه طلب من المخبرين أن لا يؤدى الضرب إلى عاهه مستديمه ، و برر ذلك (بإننا ضيوف عليهم ؟!) ؟، ثم ترك الرجل يعود إلى بيته دون أن يأخذه في رحله إلى سجن لمان طرة الواقع خلف مجرة درب التبانه ( طبعا لأن سجن لمان طرة إللى ورا الشمس كامل العدد من حوالى 10 سنيين ).
( شفتم رقه القلب و التسامح ...!! هنلاقى ظباط مخابرات زي دول في أى مكان في العالم ؟؟ أبدا ....مفيش حد برقه القلب دى إلا في مصر المحروسه ، دا كان ممكن يعمل فيه إللى هو عاوزه دون أن يسئل عما يفعل ) . و هكذا يتضح لنا أن هناك جوانب من الصورة أكثر سوادا من الأخرى ، و كل ده عشان إحنا زارنا الريس ..؟!
الصحف في اليوم التالى خرجت علينا بمنشتات جعلت بعض الناس يعتقد أن الحديث عن محافظة أخرى غير محافظتنا ، لكن بعد التدقيق في العناوين تبين أن الحديث عن محافظتنا و عن زيارة الأمس ، بعض العالمين ببواطن الأمور قالوا أن الصور المنشورة في الجرائد تم تصويرها قبل الزيارة بيومين ، و أنها صور مفبركه ( طبعا كان يهمس بهذا السر الخطير ...لأن الراجل عنده ولاد عاوز يربيهم ) ، البعض الأخر قال : باجماعه أنتم زعلانين ليه ، دا إحنا من 25 سنه و إحنا نفسنا الريس يزورنا ، وياجى محافظتنا ، و اننا نشوفه عن قرب ، فلما الراجل يكلف خاطرة ، و يسيب مشاغله و إرتباطاته ، و يترك أحاديثه و نصايحه إلى بيرسلها إلى قاده دول العالم عشان يزورنا يكون ده كلامنا . ؟؟ دا حتى ده مش من أداب الضيافه ، وبعد كده دا مش أي ضيف و مش أى زيارة
دا إحنا زارنا الريس ..؟!

ليست هناك تعليقات: