الاثنين، مارس ٠٣، ٢٠٠٨

الحلقة الرابعه:في مزرعه طره ....كانت لنا أيام (1)



كانت عربة الترحيلات تسير في منتصف ليل شوارع القاهرة تسابق السيارات الأخرى ....
و كنا داخل عربة الترحيلات في حاله شديده من الإعياء
فاليوم بدأ في مركز شرطة سنورس
ثم ترحيل إلى نيابه أمن الدولة بمدينه نصر
ثم تحقيقيات لمده ساعتين أو أكثر
ثم إنتظار نتيجه التحقيق المعروفه سلفا
و كان الجميع في غاية التعب
و كان السؤال الأهم في هذا الوقت :
إحنا رايحين فين ؟
إلى الفيوم مرة أخرى حيث سجن دمو
أم إلى سجن وادى النطرون
إم إلى طره ؟
كنت مثلى مثل غيرى في غايه التعب
لكنى راودتنى فكرة ان أنظر إلى شوارع القاهرة ليلا من خلف سلك عربه الترحيلات
شوارع القاهرة التى طالمت سرت فيها باحثا عن حلول لأسئلتى
التى طالمت جلست فيها ليلا في مثل هذا الوقت _بعد منتصف الليل _ أنا و من أحبهم لنتناقش و نتحاور عن مصر و المستقبل و الطب و العالم الخارجى و هنعمل إيه ؟ و هنمشى إزاى ؟
و القدر كتب لنا إيه ؟
و نحن نتحاور عن اليمين و اليسار و أيمن نور و الإشتراكيين الثورريين و نقابه الصحافيين و مظاهرات كفايه ................إلخ
كوبرى قصر النيل
الساحه المقابلة لمجمع التحرير
شارع طلعت حرب
نقابة الصحفيين
ساقية الصاوى
كوبرى الجامعه
شارع الهرم عندما يتوقف عن الحركة !!
أردت أن أرى هذه الشوارع كيف تبدو من نافذه عربه الترحيلات
كيف تبدو مصر و أنت تسير إلى مكان مجهول لكنك متأكد انه سيكون في نهاية المطاف
زنزانه .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
توقفنا عند باب المزرعه و القلق يعصف بقلوب وعقول البعض منا
كيف سيكون إستقبالنا ؟
هل سنشاهد ما قراناه في الكتب من إستقبال المساجين بالضرب و التعذيب ؟
كنت أخر من نزل من عربه الترحيلات لأجد أن من سبقنى وقف في طابور طويل و على جانبه عدد كبير من الأكياس
ووجدت المخبر الواقف يطلب من كل اخ أن يأخذ كيس من هذه الأكياس التى جاء بها ...."إخوانكم "
كان كل كيس يحتوى على غياريين و فانلات بيضاء لزوم السجن ، و كان المحاميين قد قاموا بشرائها على عجل أثُناء التحقيق .
بعد أن قمنا بإرتداء الملابس البيضاء جاء نفس المخبر ليقول لنا :
يا جماعه إحنا عارفيين الإخوان دول مين ؟ عارفينهم كويس أوى
انا أعرف الدكتور عصام و دكتور حسن الحيوان عليه رحمه الله و الدكتور الزعفرانى كلهم جاءوا إلى هنا وقعدوا معانا و عرفناهم كويس
عشان كده انا هاخد منكم كلمة إن محدش يدخل معاه موبيل أو فلوس
كان الكلام صادما للبعض .........
و لكنى بعد ثوانى قليله كنت قد تغلبت على الدهشه
هذا رجل تعامل مع الإخوان في السجون لمده طويله و عرف من هم الإخوان ، أخلاقهم طريقه معاملاتهم و كيف يفكرون .
أكمل المخبر الحوار :
مين مسؤل المجموعه دى ؟
أشرت بتلقائيه تجاه الدكتور أحمد عبدالرحمن
قال موجها كلامه للدكتور أحمد :
يادكتور احمد أنا عارف إن الناس دى مش هتسمع إلا كلامك إنت ، فياريت تطلب منهم إن أى حد معاه فلوس أو موبيل يطلعه !!
الدكتور أحمد إبتسم و قال له: الموبيلات كلها في أمن الدوله و إحنا ممعناش فلوس ، و دى كلمة منى ، كل الفلوس سلمناها في الأمانات .
أجاب المخبر : انا خدت كلمة منك يادكتور أحمد .
بعد ذلك و جه كلامه إلينا جميعا :
ياجماعه متقلقوش خالص ، و إطمنوا و أى حاجة إنتوا عاوزينها إكتبوها في ورقه و إدوها للمحاميين أثناء زيارتهم . !!
كنت دهشه الإستقبال لدى البعض عارمه .
عندما جاء وقت النوم قلت : لقد أثر الإخوان حتى في مخبرى السجن .
نفس هذا المخبر جاء لى فيما بعد ليعدد لى إعتراضاته على منهج الإخوان و أسلوب التغير عند الإخوان و إن البلد دى لايمكن هتتصلح و إنكم بتضيعوا و قت وجهد بعض و إن مفيش فايده ...............و نفس هذه الأفكار التى تعرفونها .
وحكى لى قصه الدكتور حسن الحيوان أثناء وجوده هنا في المزرعه .
لكنه فيما بعد عندما شعر إنى مصر على موقفى من الإخوان و أسلوب التغيير لديهم إختفى لفترة طويله و لم أقابله تماما إلا أن خرجت !!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في مكان الزيارات في مزرعه طره
أنا ــ أنا شفت حضرتك فين قبل كده ؟
هو ــ معتقدش إننا إتقابلنا
أنا ــ مش حضرتك برضه إبراهيم الهضيبى ؟
ــأيوه
كان المخبر يراقب هذا الحوار الذى يدور و عيناه و أذناه مصلتتان على ، لذا أحسست أن الوضع لا يستحق طول الوقوف
ــ طيب أنا إسمى أحمد محسن من إخوان الفيوم ، صاحب مدونه فتح عينيك ....دور عليها على النت و إبقى أدخل عليها ، بعد إذنك دلوقت
كانت ملامح الدهشة تعلو وجه إبراهيم ، لكنى لم اكن أستطيع الوقوف أكثر من ذلك و المخبر إقترب منا بشده ليستمع إلى تفاصيل الحوار و كأنى أخبر إبراهيم على مخطط لقلب نظام الحكم ، فأنصرفت سريعا و لم أحاول تبرير طريقه التعارف السريع جدا هذه لإبراهيم الهضيبى .
بعد تحركى بخطوات و قفت على الباب للخروج من مكان الزياره و انا أحمل بعض الأطعمه التى جاء بها والدى لى وكتاب طبى و كتاب "تهذيب مدارج السالكين " لإبن القيم .
على الباب جاء المخبر مسرعا خلفى :
ــ إيه فتح عينيك دى ؟
ــ ده موقع على النت .
ــ موقع على النت ، طيب هو إيه عنوانه ؟
ــ دور على النت و إنت تعرف
ــ طيب لو مقلتليش على عنوان الموقع أنا مش هدخلك الكتاب ده ! "و أشار إلى كتب مدارج السالكين "
قلت له : إعتبر الكتاب هديه منى ليك !
نظر إلى بغيظ ثم قلب في الكتاب قليلا ثم قال لى : بس أنا هطلع أحسن منك وهديك الكتاب .
ــ تشكر
ــ مش هتقلى برضه على العنوان ؟
ــ بسيطة ، أدخل على جوجل و إكتب فتح عينيك تالت إختيار هو ده الموقع ، إبقى أدخل و قولى رأيك !!
ــ يكون في علمك إحنا كل مواقع الإخوان عارفينها و بندخل عليها : إخوان اون لاين ، إخون الشرقيه ، امل الأمه ، نافذه مصر ............
ــ كويس ، ما إحنا عملنا المواقع دى عشان الناس تدخل عليها مش عشان نخبيها . ممكن أعدى يقى ؟
ــ إتفضل يادكتور أحمد .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في أول يوم لي في المزرعه بدات التعرف على المكان الجديد
غرفه كبيرة تتسع لعدد كبير من المعتقلين مقفوله علينا طوال الليل و النهار و لا تفتح إلا لدقائق معدوده لإحضار الطعام .
و لأن عددنا كان كبيرا في البدايه فإن المكان الذى تنام فيه هو غالبا الذى تجلس فيه هو غالبا الذى تقضى عليه أغلب يومك ، و لكن الحمد لله فإنه من أول يوم كانت معنوياتى مرتفعه لذا لم يؤثر على هذا الأمر .
الإعتقال أعطانى فكرة كيف يمكن أن تكون سائرا في طريق بخطوات محسوبه و منتظمة ثم ياتى لك من السماء شئ ما يوقف كل هذه الخطوات .
قبل إعتقالى بساعتين قابلت شخص لم أره من فتره ووعدته أن أزوره ليلا ، ليله الإعتقال أرسلت للمدون عمرو عزت رسالع لكى أبدأ معه تواصل خاصه أنى أتابع مدونته من فتره ، في يوم الخميس (أول يوم لى في طره) كانت قد واعدت صديق لى من إحدى محافظات الصعيد و كان رفيقى في المدينه الجامعية بالقاهره أن نتقابل أمام باب المدينه لكى نجدد الذكريات و نقضى يوم جميل معا خاصه و انه قد مر ما يقرب من سنه على خروجنا من المدينه بعد إمتحانات البكالوريوس ، و في الوقت الذى من المفترض أن نتقابل فيه جلست أفكر كيف يمكن أن يتقبل صديقى أمر إعتقالى !!
صديقى : ألو ، أيوه يا (.......) أنا عمال إتصل على أحمد على الموبيل و هو مش راضى يرد ، و هو كان واعدنى إننا نتقابل دلوقت .
(.......) ــ هو إنت معرفتش ؟؟
ـــ معرفتش إيه ؟ دا انا ملطوع بقالى ساعه و هو مش راضى يعبرنى و يرد على إتصالاتى .
ــ معلش ، أصل أحمد مش هيقدر يرد على إى إتصالات دلوقت .
ــ ليه ؟
ــ أصله راح مشوار و هيطول فيه شويه
ــ مشورا إيه ؟ دا إحنا كنا متفقين على إننا نتقابل .
ــ أصل دا مشوار لطره !
ــ أحمد إعتقل !!!
ــ إيوه ، من يومين بالضبط
ــ يااااااااااه ، و محدش قالى لى . و انا واقف مستنيه .
ــ أنا كنت فاكرك عرفت من الجرايد ، بس على العموم أحمد دلوقت في حاجة لدعائنا ، متنساش تدعيلوا

و هكذا كان خط سير حياتى قد توقف فجأه مع هذا الإعتقال .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يا أُمَّتي أَنَاْ لَستُ أَعْمَىً عَنْ كُسُورٍ في الغَزَالَةِ،
إنَّهَا عَرْجَاءُ، أَدْرِي
إِنَّهَا، عَشْوَاءُ، أَدْرِي
إنَّ فيها كلَّ أوجاعِ الزَّمَانِ وإنَّها
مَطْرُودَةٌ مَجْلُودَةٌ مِنْ كُلِّ مَمْلُوكٍ وَمَالِكْ
أَدْرِي وَلَكِنْ لا أَرَى في كُلِّ هَذَا أَيَّ عُذْرٍ لاعْتِزَالِكْ
يا أُمَّنا لا تَفْزَعِي مِنْ سَطْوَةِ السُّلْطَانِ. أَيَّةُ سَطْوَةٍ؟
مَا شِئْتِ وَلِّي وَاْعْزِلِي، لا يُوْجَدُ السُّلْطَانُ إلا في خَيَالِكْ
...
يَا أٌمَّتي يا ظَبْيَةً في الغَارِ تَسْأَلُني وَتُلحِفُ: "هَلْ سَأَنْجُو؟"
قُلْتُ: " أَنْتِ سَأَلْتِني مِنْ أَلْفِ عَامٍ. إنَّ في هَذَا جَوَاباً عَنْ سُؤَالِكْ"
...
يَا أُمَّتِي أَدْرِي بأَنَّ المرْءِ قد يَخْشَى المهَالِكْ
لَكِنْ أُذَكِّرُكُمْ فَقَطْ فَتَذَكَّرُوا
قَدْ كَانَ هَذَا كُلُّهُ مِنْ قَبْلُ وَاْجْتَزْنَا بِهِ
لا شَيْءَ مِنْ هَذَا يُخِيْفُ، وَلا مُفَاجَأَةٌ هُنَالِكْ
...
يَا أُمَّتِي اْرْتَبِكِي قَلِيلاً، إِنَّهُ أَمْرٌ طَبِيْعِيٌّ،
وَقُومِي،
إنه أَمْرٌ طَبِيْعِيٌّ كَذَلِكْ.


من قصيدة أمر طبيعى لتميم البرغوثى

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعدها طلب منى أن أقول خاطره
فقلت لهم :
طوبى لكم أنكم دخلتم نفس السجن الذى دخله سيدنا يوسف من قبل .
النبى الوحيد الذى نعلم أنه سجن .
لكنه دخل السجن عبدا فخرج وزيرا .
و أظن انه لو كان في زماننا لسجن في مزرعه طرة !!
فلا تحزنوا
هى أيام و ستمر
شئنا هذا ام أبينا
و سواء رضينا أم سخطنا
فخروجنا ليس بناء على رغبتنا بل على رغبات الأخرين
فليستفد كل منا بهذه الفتره أفضل الإستفاده
فإنها قد لا تمر عليه مرة أخرى




هناك ٨ تعليقات:

احمد الجيزاوى يقول...

انتو فى نعيم
يا راجل تعالم اقولك كانه بيعمله فينا ايه فى وادى النطرون كنا فى الاستقبال 18 ج بجد ربنا ينتقم منهم
ويجعل ما رايته من ظلم فى ميزان حسناتكم
اخوك
احمد الجيزاوى

Hosam Yahia حسام يحيى يقول...

السجن للرجاله


ياباشا

AbdElRaHmaN Ayyash يقول...

ما شاء الله يا دكتور
الاسلوب رائع اولا
ثانيا فعلا الواحد مش عارف هيعمل ايه
سير حياته وقف تماما
بس يا دكتور .. هو انت كنت اصغر واحد هناك وللا كان في اصغر منك؟؟

محمد عـنـانـى يقول...

انها عرجاء
ان فيها كل اوجاع الزمان
انها تحتاج الى اعاده بناء ولن يقوم بهذا البنا الا رجالا اشدا
يعهدون ويتعهدون
لا اعرف با الضبط منذ متى وانت خارج اسوار السجون
لا اعرف ملابسات اعتقالك
ولكن مبروك على وصولك من جديد
وادعو الله لك
ففى السجون مدرسه الرجال وكما قلت فى خاطرتك
دخلها نبيى الله وخرج منها وزير
انت فى مدرسه من اجل التغير
تحياتى

غير معرف يقول...

بجد هايل والله يا دكتور

انت تنفع على كده تكتب روايات واهي برضه تبقى سبوبه اصل الطب مبقاش يجيب همه زي الأول

أسلوبك سهل ممتنع ومشوق وممتع وفيه خفة ظل

سيبك أنت أنا أكتر حاجه لفتت نظري هنا هي
شارع الهرم عندما يتوقف عن الحركة !!

هو دا كلام برضه

ههههههههههههه

شفت باسم الله ماشاء الله انا نبيه قد ايه وباخد بالي من الحجات المهمه الدقيقه الي مش ممكن حد ياخد باله منها كتير

وحبسه تفوت ولا حد يموت

محبتي

المستكشف/احمد محسن يقول...

يا جيزاوى ........يعنى إنت كان نفسك إننا نتعذب و نتبهدل ؟!!
طبعا كان فيه حاجات كتيييييييير سيئه لكنى منذ البدايه أثرت ان أعرض المواقف الإيجابية ، و ان أعرض المواقف السيئه من الناحيه المعنويه دون الحديث عن الجانب المادى ، لأن ما أثر في فعلا هو الإهانات المعنويه .
وربنا يتقبل

حسام يحى .....إتمنى أن أكون منهم .

عبدالرحمن عياش ...أنا كنت تانى أصغر واحد في المجموعه ، أصغر واحد كان عنده 22 سنه و كانت دى تانى مرة إعتقال ليه في المزرعه !!
و بالطبع كنا عاملين "دويتو" جميل جدا جوه ، ممكن إتكلم عليه فيما بعد .
و شكرا على هذا الإطراء الجميل .

محمد عنانى ....بالفعل كانت مدرسه التغيير ، و هذا ما تحدثت عنه أكثر من مرة .
شكرا على المرور

عبدالرحمن فارس .....اخيرا نورت المدونه !! يامرحبا ...يا مرحبا .
صحيح ...
إنت لو كنت مرة في شارع الهرم و الشارع و قف تماما و مفيش أى حركة و عندك محاضره واحده فقط عاوز تحضرها الساعه 9 و إنت نازل من بيتكم الساعه 8 و تكتشف في النهايه إنك لسه في المواصلات و الساعه دلوقتى 10 و مش عارف تعمل إيه ؟؟
أكيد هتفهم يعنى إيه شارع الهرم يتقفل .

Unknown يقول...

العزيز
احمد محسن
شرفت بزيارتك لمدونتى ( صحافتى )وان شاء الله سوف نتواصل ..
وانا سعيد بالجزء الرابع ولست سعيد بما مرتم به وان كنت اتمنى ان يكون فى ميزان حسناتكم وحمدا لله على السلامة

Unknown يقول...

العزيز

احمد

كل الشكر لك استجابتك لدعوتى لك

وللاسف لحداثة عهدى ببلوجر لم استطع العثور على ايميلك لنتواصل كما اقترحت وعليه ارجو ان تكون انت البادئ بمراسلتى
وايميلى
hassan_tawfik2004@yahoo.com
او على الهوت ميل نفس الايميل
فى انتظارك وشكرا لك مقدما