الجمعة، مايو ٢٥، ٢٠٠٧

تدوين الإخوان



بينما كانت مظاهرات حركة كفاية تملأ مصر بضجيجها و هتافتها التى كسرت الكثير من المحظور في الحياه السياسية المصرية ، و بينما كان المتظاهرون يهتفون ( يسقط ...يسقط حسنى مبارك ) ، ( الجزب الوطنى ....باطل ، حبيب العدلى ...باطل ....إلخ ) كانت المسيرات و الهتافات ملآ السمع و البصر و محل إهتمام و سائل الإعلام العالمية قبل المحلية ،و صور المتظاهرون و هم يقفون على سلالم نقابة الصحفيين او وهم يتعرضون للبلطجه من قوات الشرطة و أمن الدوله هى الخبر الرئيسى لكل المهتمين بالشأن السياسى ، في هذا الوقت كانت حركة التدوين المصرى قد أخذت أولى خطواتها ،و بدأت صرخات الولاده الأولى تعلو على صفحات الشبكة العنكبوتية ، عاليه أحيانا .... صاخبه أحيانأ ...و متجاوزة لكل الحدود في أحيان أخرى . تحكى عما يحدث في المظاهرات و الإنتخابات من إنتهاكات و ترصده بدقه شديده لأنها تكون _ غالبا _ جزء من الحدث الذى يتم نقله . تفتح ملفات الفساد بجراة و قوة و دون خوف من أحد و بدون أى خطوط حمراء للتحدث عن المسكوت عنه في دنيا السياسة و الإقتصاد .لكنها في نفس الوقت تنقل هموم المدونين العامة و الخاصة .ما تعرضوا له من اجل أرائهم و مواقفهم ، و ما تعرضوا له في بيوتهم و اهلهم بحثا عن لقمة العيش أو بنت الحلال أو ما يفعلونه من أجل الهروب من الواقع الذى يبعث على اليأس و القنوط .
و قتها كانت مدونات الإخوان على النت تعد على أصابع اليد الواحده ، و كانت تتميز بانها ملك لإصحابها و مشاكلهم و أرائهم الشخصية بعيده عن إنتمائهم للإخوان أو بدون محاوله لإظهار هذا الإنتماء . لكن الوضع الآن _بعد مرور 3 سنوات _ يختلف تماما عن البدايات .
الآن مدونات الإخوان و أبنائهم هى الأكثر صخبا ، و الأكثر شهرة ، و الأكثر زيارة . و رغم أن هناك مدونات لشخصيات غير إخوانية مازالت تتصدر قائمة أهم المدونات و الأكثر زيارة من رواد شبكة الإنترنت و تتم زيارتها من قبل عدد كبير من خارج مصر . بل إن بعضها تحول إلى مصدر من مصادر الأخبار الهامة التى تحدث في مصر سواء لوسائل الإعلام المحلية أو الأجنبية ، و بعضها الأخر إكتسب الصفه العالمية و أصبح من المدونات التى يقبل عليها الأجانب لمتابعه ما يحدث في مصر، رغم كل ذلك إلا أنه يبدو بصفه عامة أن المدونات"الإخوانية" تأخذ الآن زمام المبادرة ، و تكاد تقف بقوة في مقدمة حركة التدوين المصرى لتعيد إنتاجها من جديد .
البعض يزعم أنه هذا يسبب ضررا لحركة التدوين في مصر و أننا بذلك نعود خطوات كثيرة إلى الوراء
، فهى أولا : تضبغ حركة التدوين بلون واحد و بفكر واحد ،وبذلك يتم القضاء على فكرة التنوع و التمايز التى كانت تميز حركة التدوين المصرى حيث كانت تضم كافة الإتجاهات و الأطياف السياسية المختلفة . و بذلك نعيد تصدير نفس المشكلة التى نعانى منها على أرض الواقع إلى فضاء النت الفسيح بعد أن ظن البعض انه سيكون هو السبيل للخروج من هذه المشكله .
ثانيا : انه سوف يقلل من عدد مرتادى المدونات لأنها ستصبح بعد ذلك تتحدث في مواضيع محدده لاتخرج عنها إلا قليلا بسبب غلبة المدونات "الإخوانية" على المدونات المصرية و سوف يصبح هناك تيار عام له سمات معينه هو من يطلع على حركة التدوين المصرى . و بذلك نفقد عدد كبير من رواد المدونات الذين تميزوا بعدم تبنيهم لفكرة أو حزب معين لكنهم في نفس الوقت لديهم رغبه في مطالعه ما يقوله الأخرون _حتى لو أختلفوا معه_ و لديهم رغبه أيضا في إكتشاف الأخر و معرفته عن قرب .
ثالثا : أنه بذلك سوف ترتد حركة التدوين المصرى من العالمية التى إكتسبتها بعد جهد طويل و بعد مده طويله من إقامه علاقات شخصية مع عدد كبير من المدونيين الذين لهم تواجد عالمى إلى المحلية مرة أخرى ، و بذلك نفقد الكثير من المؤيدين و المتعاطفين مع قضية الإصلاح و التغير التى تجرى في مصر ، و نفقد عدد كبير ممن كان لهم القدرة للضغط على المنظمات الحقوقية غير الحكومية لشن حمله ضد النظام المصرى أو الضغط عليه من أجل المزيد من الإصلاحات .
هذا بالإضافه إلى تبنى البعض القول بأن هذا كله جزء من حمله "إخوانية" تدبر في الخفاء من أجل السيطرة على حركة التدوين و إعاده توجيها كما تشاء هى و ليس كما تشاء القوى الوطنية المصرية !!و ا التدوين ما هو إلا جزء من الخطه الكبرى " فتح مصر " التى تحدثت عنها الصحف في الماضى و التى تهدف إلى سيطرة الإخوان على مقاليد الأمور في مصر .!!
ياتى هذا الكلام في وقت نشرت فيه دراسة إعلامية للدكتورة ثريا البدوي أستاذة الإعلام السياسي بكلية الإعلام جامعة القاهرة ذكرت فيها أن الإمريكى أقرب للشباب المصرى من الإخوانى و الشيعى !!. حيث أكدت الدراسة أن " الشباب المصري أكثر استعدادًا للحوار مع الأمريكي عن الإخواني أو الشيعي، كما أنه يشعر أن الأمريكان أكثر قربا إليه من أبناء وطنهم المخالفين في المذهب أو التوجه السياسي"فهل فعلا خسرت حركة التدوين المصري بإنضمام المدونين الإخوان إليها ؟
في البداية يجب التأكيد على أن حركة التدوين هى بالأساس حركة "فردية_ذاتية" يقوم بها المدون بإرادته و بدون طلب من أحد و بدون إنتظار عائد من احد . و بذلك هى تختلف عن المقالات و التحقيقات الصحفية التى تنشر في الصحف و التى عاده ما يكون لها أهداف و طريقة أخرى تختلف عن التدوين ، فينما تركز الصحافه على رأى القراء و تحاول ان تعمل على تغيره (سواء لتبنى الفكرة المكتوبه أو لمعاداتها ) فإنه في التدوين أنت لا تهتم كثيرا برأى من يقرأ لك بقدر اهتمامك بان تكتب فكرتك بوضوح لكى تصل إلى من تقرأهم و لا يهمك في النهاية رضاهم عن هذه الفكرة أو لا . فالتدوين في النهاية هى عملية "بوح_وفضفضة" لكنها تتم على الملأ و فوق شاشات الكمبيوتر لتصل إلى عدد أكبر ممن كان سيقراها عل الورق . كما أن عملية التدوين تتميز أنها لا تخضع لقواعد أو اسس مهنية معينه تلتزم بها و ليس لها حدود تنتهى عندها ، على عكس الصحافه التى لديها أدوات و أطر معينه تدور في فلكها و تستخدمها لإيصال رسالتها الإعلامية . و بالتالى فإن قواعد النجاح و الإنتشار تختلف تماما عن تلك التى تستخدم في الصحافه . فالكثير مما كتب في المدونات و الذى إنتشر إنتشار واسع على شبكة النت و حقق تأثير قوى فيمن قرأه لا يمكن إعاده نشره في الصحف و المجلات . و قد حاولت بعض الصحف و المجلات ذلك لكنها في النهاية لم تستمر لشعورها بإختلاف التدوين عن الصحافه .فليس كل مدون ناجح هو مشروع صحفى ناجح ، وليس كل صحفى ناجح هو مدون ناجح بالضرورة و الأمثله على ذلك كثيرة .
و بالتالى فإن فكرة أن يكون هناك مخطط "إخوانى" للسيطرة على المدونات المصرية تبدو فكرة ساذجه ، فإنه إذا كان يمكن السيطرة على الصحف و المجلات و إعادة توجيها كيفما تشاء فإن ذلك يبدو بعيد المنال في المدونات .
لكن يبقى السؤال الأهم : هل إستفادت حركة التدوين المصرى فعلا من دخول المدونيين الإخوان إليها ؟
الإجابه تبدأ بان مشاركة أى فصيل سياسى أو فكرى بغض النظر عن أرائه و أفكاره و مدى صوابها أو خطأها هى مكسب لحركة التدوين بصفها عامة و إثراء لها سواء في الكم أو النوع . فإضافه المدونات الإخوانية إلى مدونات اليساريين و الليبراليين و أصحاب التوجهات الأخرى هو في النهاية يصب في مصلحه حركة التدوين ككل و فى مصلحه المطلعين عليها . حيث تقدك لهم أغلب التيارت السياسية و الفكرية في مصر على طبق من ذهب . و لا يستطيع أحد أن يزعم أن حركة التدوين بمصر تقتصر فقط على اليساريين و الليبراليين و أنه لا يحق لغيرهم المشاركه فيه ، ، أو أنهل تقتصر على الإخوان و لا يحق للأخرين المشاركه فيه !!
ثانيا : فإنه لا يستطيع أحد أن ينكر أن الفكر الإخوانى بصفها عامة و الإخوان بصفه خاصه لطالما إتهموا أن أفكارهم ليست واضحه و انها لا تصل إلى الكثيرين سواء من المثقفين أو من العامة ، و أنهم يجب أن يجدوا الوسيله لكى تصل أفكارهم ببساطة و بدون تعقيدات كبيرة إلى الناس . و اعتقد أن المدونات أتاحت لهم هذه الفرصة الذهبية للوصول إلى أصحاب الرأى و المثقفيين من الشباب ، ليس هذا فقط بل إنها أتاحت لأخرين أن يدخلوا في مناقشات مباشرة مع مدونى الإخوان ، وبذلك اتاحت هذه الفرصة للمزيد من التواصل بين التيارات السياسية و الفكرية المختلفة مع الإخوان الذين ليس لهم علاقه بكلام الإعلام و لا بالمناقشات البيزنطية التى تتم فيه . و هذه ميزة فلإخوان لكنها فى نفس الوقت ميزة لكل من يريد معرفه أراء الإخوان عن قرب و منهم شخصيا .
ثالثا : أن المدونات أستطاعت و لحد كبير أن تبرز لنا صور الإخوان كأشخاص من لحم و دم ، و أنهم يفرحون مثلنا و يحزنون مثلنا . فالبعض كان يعتقد أن الإخون هم "كائنات خرافيه" تتعرض للإضطهاد فتصبر و الإعتقال فتصبر و المحاكمات العسكرية فتصبر و بالتالى فهم كائنات بشرية فوق العاده !! أما مع ظهور المدونات فإنها إستطاعات إبراز الجانب الإنسانى في الإخوان الذى لطالما تم تجاهله كثيرا ، إبراز أنهم لديهم أيضا لديهم مشاكلهم الشخصية في الزواج و العمل وفي المنزل و لديهم أيضا مشاكلهم العامة مع النظام التى تقلب حياتهم إلى جحيم . لكن المدونات الإخوانية عرضت لنا في نفس الوقت كيف يتعامل الإخوان مع هذه المشاكل و كيف يواجهونها . و هل فعلا تبنيهم للفكرة الإسلامية غير من تعاملهم مع هذه المشاكل أم أنها تظل في النهاية مشاكل يمر بها كل البشر و يتعاملون معها بنفس الطريقة ,
يبقى أخيرا التأكيد على أن مشاركة المدونيين الإخون في حركة التدوين ساعدت على إبراز الكثير من القضايا العامة التى تمثل قاسم مشترك بين كل التيارات السياسة و الفكرية في مصر . مثل قضايا الحريات و قضايا التعذيب و التحويل إلى المحاكمات العسكرية و قضايا الحريات الصحفيه و غيرها . فدخول الإخون بها أعطاها زخم على شبكة النت و دوى أعلى بكثير من ذى قبل .
أن تجربة مشاركة الإخون في عملية التدوين لازالت في بدايتها ، و لازال لديها الكثير حتى تثبت أقدامها أكثر و أكثر و يجب أن تعرف أنها يجب أن تكون على قدر المسؤليه و بالتالى فإنه يجب عليها أن تجدد من نفسها من فترة و أخرى او ن لا تعتمد على خطاب واحد فقط . فنجاحها بالأساس يعتمد على تجديد المحتوى و تجديد الطرح .

هناك ٤ تعليقات:

غير معرف يقول...

مدونة رائعة بارك الله فيك

غير معرف يقول...

المستكشف دائماً متميز

بسم الله ما شاء الله عليك

عاوزين همتك يا باشا


سيد يونس

ابو العربى يقول...

تحليل جيد
انا ك ناصرى ارحب بوجود الاخوان وهذا ساعدنى على معرفه الكثير عنهم نختلف احيانا ونتفق احيانا
تحياتى

المستكشف/احمد محسن يقول...

شكرا لكل من رموا هنا
شكرا لللأخ سيد يونس ، و إن شاء الله ترى في القريب العاجل منى ما يعجبك .
وكلنا في النهايه (ضد الظلم ) و الظالمين ، و أتمنى أن تكون هذه المونات بدايه لتلاقى بين شباب الإخوان و التيارات السياسيه اللأخرى و على رأسها القوميين الناصريين .
شكرا على المرور