الاثنين، مايو ١٤، ٢٠١٢

الـمــــــــوت الـــحزيــــــن


الوضع في مصر بعد الثورة- بالنسبة لغير الثوار- أسوأ بكثير من الوضع قبل الثورة.
يمكن أن تكون هذه العبارة نقطه اتفاق نبدأ منها الحديث ، و بغض النظر عن موقفك الشخصي من الذين لم –ولن –يدعموا الثورة في مصر ، فأن الحقيقية التي يجب أن نسلم بها أن لهم نفس الحقوق-وعليهم بالطبع نفس الواجبات- التي على اى مواطن مصري أخر. و لأن لهم الحق في التصويت و المشاركة في صنع القرار في مصر فإنهم بصورة أو بأخرى رقم هام في المعادلة السياسية في مصر .
معتز بالله عبد الفتاح في مقال له بجريده الشروق في يناير 2012 بعنوان " كم يكفى لإحداث ثورة ؟" توقع-انه بالنظر إلى الإحصاءات و الدراسات العلمية – أن نصف مليون مصري قادرين على إحداث ثورة في مصر لو تجمعوا ، المؤكد ان من شارك في الثورة بعد ذلك هم اكبر من هذا العدد بكثير ، البعض جعلهم 15 مليون ، لكنى في النهاية أعتقد ان من شارك "فعلا" في الثورة مضحيا بنفسه و وقته و ماله و مؤمنا بأهميتها و مدافعا عن مبادئها قد لا يتجوز عددهم ال2 مليون ، لكن من أيدها "وشجعها " و رضي عنها قد يصل إلى أغلبية الشعب المصري .
ودون الدخول في تفاصيل الأرقام التي نختلف و نتفق عليها لأنه لا يوجد بحث علمي دقيق ، فأنه يمكننا القول على سبيل التعميم –غير المخل إن شاء الله -  أن من قام بالثورة بالفعل و جاهد في سبيلها هم "أقلية " و أن من أيد الثورة بالتعاطف و التأييد المعنوي هم " أكثرية " و أن من عارض الثورة " أقلية ".
هذه الفئه التي أيدت الثورة بالتعاطف و التأييد هي التي رجحت كفه الثورة في النهاية لكنها –إذا لم نحسن تدبر الأمور – قد تقلب الكفة على الجميع .

 الثورة البرتقاليه

في أعوام 2004 -2005 بدأت في أوكرانيا أولى مظاهر ما عرف"بالثورة البرتقالية "، بعد شبهات عن تزوير الانتخابات البرلمانية و انتشار الفساد في كل أجزاء البلاد ، و جاءت الانتخابات الرئاسية لتزيد الوضع سوأ ، فقد أعلنت نتيجة الانتخابات و التي لم تكن مرضية للمعارضة ، و طعنت في نتائجها و قالت أنها مزيفه ، و بدأت فاصل يومي من  المظاهرات و الاعتصامات في العاصمة كييف "ميدان الاستقلال " و المدن الكبرى الاوكرانيه . هذه المظاهرات السلمية التي قادتها المعارضة بعد تحالف أكبر رمزين من رموز المعارضة في البلاد كانت محط نظر العالم و إعجابه . و تناقلت كل دول العالم تقريبا الوشاح البرتقالي الذى كان رمزا للثورة الاكرانية ، و بعد تفاصيل كثيرة حكمت المحكمة الدستورية العليا في أوكرانيا بإعادة الدورة الثانية من الانتخابات بين رئيس البلاد ( الموالي لروسيا ) و مرشح المعارضة في ديسمبر 2004 ، و بسبب المراقبة  الدوليه و الحالة الثورية التي تمر بها البلاد فأن مرشح المعارضة فاز في هذه الانتخابات و أعتبر ذلك انتصار الثورة البرتقالية .
بعدها مباشرة بدأت سلسلة من الثورات في عدد من البلدان المجاورة .
لكن القصة لم تنتهي عند هذه النهاية السعيدة ،
الخلافات السياسية بين الرئيس الجديد و رفيقته في التحالف أثناء الثورة انقلبت إلى عداوة و اشتباكات سياسية و تغيير في المواقف ، و محاوله احراز اكبر عدد من المكاسب السياسية بعيدا عن مصلحة البلاد .
أما في الجانب الاقتصادي فإن الوضع كان أسوأ
يوتشينكو الذي جاء من خلال الثورة من أجل القضاء على فساد رجال الأعمال و القضاء على الفساد في قضية الغاز الروسي و خفض إعداد الفقراء و تشغيل العاطلين ...إلخ لم يستطع القيام بأي من هذا .
فمعدل الفقر زاد في أوكرانيا إلى 37 % و زادت نسبة البطالة إلى 15 % وزاد العجز في الموازنة ، بل وانتشر الفساد أكثر ( تصنيف أوكرانيا كان رقم 146 من ضمن 180 دوله في تقرير الشفافية الدولية وحصلت على درجة 2.2 من 10 و هى نفس الدرجة التى حصلت عليها عام 2004 قبل بدا الثورة  ) . و لأن يوتشينكو لم يستطع إدارة المرحلة كما يبغى بسبب سطوة رجال الأعمال القدامى المتحكمين في مفاصل البلاد فعليا ،و بسبب خلافاته السياسية مع المتحالفة معه في الثورة فان النتيجة كانت مفاجاه !
في 2010 أجريت الانتخابات الرئاسية "الحرة و النزيهة " فاختار الشعب الأوكراني  بإرادته الحرة و بدون أي ضغوط من احد الرئيس السابق التي قامت ضده الثورة يانكوفيتش. ؟!!

العوده إلى النيل
صندوق النقد الدولى أعلن في فبراير الماضي أن الوضع في مصر أصبح صعبًا، وإن معدلات النمو توقفت، وهو ما يسيء إلى الاقتصاد والشعب المصري سويًا. لكن هذا التصريح له ما يبرره بالتأكيد فبعد مرور 15 شهر على الثورة المصرية تبدو الأمور الاقتصادية ليست على مايرام :
انخفاض الاحتياطى النقدى الاجنبيى إلى 15 مليار دولار.
زياده نسبة التضخم و زيارة الاسعار بنسبة 25 % على الأقل .
توقف الاستثمارات الأجنبية و انخفاض حركة السياحة بشكل ملحوظ ....إلخ
بالنسبة للأقلية التي قامت بالثورة فان هذا قد يكون مقبولا بعد الثورات و لابد منه ، وكثير من هذه المشاكل كان يمكن حلها لو تعاون المجلس العسكري و أدار البلاد بطريقه أفضل ، و الشئ الذي يتأكد منه الجميع أنه بعمل إصلاحات في القوانين الاستثمارية و التجارية في مصر و اعاده هيكله أولويات الاستثمار و بعض الاجراءت الأخرى التي تتطلب اراده سياسية قبل أي شئ أخر فإن الكثير من التحسن سوف يحدث للاقتصاد المصري طبقا لتقديرات الاقتصاديين المصريين و الغربيين على حد سواء . أما على المستوى السياسي فإنه رغم إجراء انتخابات مجلس الشعب و الشورى بطريقه ديمقراطية لأول مره منذ أكثر من 60 عاما إلا أنه لايزال هناك انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان قامت بها هذه المرة قوات الجيش بدلا من قوات الشرطة ، و هي الوقائع التي تحتاج إلى تحقيقات عاجله وعادله لمعرفه المتهمين و محاسبتهم لكن هذا لم يتم إلى الان .
الانفلات الأمني هو حديث الصباح و المساء في مصر و الموضوع المفضل للموظفين على المكاتب و في وسائل المواصلات، ومشكله البنزين و السولار ( و من قبلهم الغاز ) هي الشكوى المتكررة من كل طبقات الشعب تقريبا .
الآن نحن على شفا انتخابات رئاسة جمهورية يترشح فيها اثنين من رموز النظام السابق ،و أثنين بخلفية إسلامية وكانوا جزء من الثورة و  لديهم مشروع لإصلاح مصر(مرسي و أبو الفتوح ) ،و رئيس الجمهورية سوف يكون واحد من هذه المجموعة بالتأكيد طبقا لتوقعات العقل و المنطق .
لو فاز احد رموز النظام السابق من البداية فان الثورة المصرية سوف تكون وصلت إلى مرحله"الموت الحزين " بعد أقل من عام و نصف على بدأها .
أما لو فاز محمد مرسي أو ابوالفتوح(وهما الأقرب إلى الفوز ) فأننا سوف نكون بحاجة للدعاء بأن ينجح أي منهما بأن يحقق التحول السياسي و الاقتصادي و الااجتماعي المطلوب و إلا فإننا في أقرب انتخابات رئاسية قادمة سوف نجد أن الرئيس هو عمر سليمان بأصوات من أيدوا الثورة بالتعاطف و التأييد المعنوى  و من خلال انتخابات حرة و نزيهة !

هناك تعليق واحد:

العاب النادي يقول...

يعطيك العافية على الموضوع