الأحد، فبراير ٠٣، ٢٠٠٨

أســـوأ مــا فيها !!


المخبر يمسك بيدى بشده و يدفعنى بقوة لركوب الميكرباص الأبيض اللون ، و كنت قد حاولت إفهامه ان يخفف قليلا من قبضته لأنى لن أهرب منه باى حال من الأحوال ، و ان إعتقالى هو شرف لى ، و حاولت أن أهدأ منه قليلا لأنه كان سريع التنفس و الإنفعال في نفس الوقت ..............لكن كل محاولاتى ذهبت سدى !

و إنتهى بى المطاف أخيرا في عربة الميكروباص التى تبدو من الخارج ليس لها أى علاقه بالأمن من قريب أو من بعيد ، لكنها كانت في الحقيقة المكان الى يتم فيه تجميع من تم إعتقاله في هذا اليوم ، نظرت حولى فوجدت المقعد الذى يلى السائق يجلس فيه إثنين لم أرهم من قبل ، يبدو عليهما الضيق الشديد و الإنفعال ، واستمر الحوار الذى يبدو أنه قد إنقطع أثناء دخولى للميكروباص :

ــ يافندم انا مليش دخل بالناس دى ، و لا عمرى شفتهم !

ــ...........................................................

ــ يافندم أنا كان نفسى من زمان تقبضوا عليهم و تريحوا البلد من الإسلامجية إللى مليين البلد اليوميين دول ، انا مش عارف إنتو ساكتين عليهم ليه لحد دلوقت !

ــ.........................................................

ــيافندم انا راجل في حالى و إنت كده هتضرنى ، انا لسه راجع من برة مبقاليش أسبوعيين !

ــ(الضابط لأول مرة ينظر إليه منذ بدأ الحوار لكن دون أى كلام ) ..........................

ــ يافندم انا معايا جواز سفر اوربى ، و مقدم على جنسية أوربية ، إنتو كده هتعملوا مشاكل جامده عشان كلام فاضى لو الناس دى عرفت إنه إتقبض على !

ــ ( الضابط ينظر بإهتمام دون كلام أيضا ) .........................

ــ يا فندم طالما كده ، و إنت مش عاوز تعبرنى إدينى سجارة عشان "أعفر "!!!

ــإنزل ( أخيرا تحدث ضابط أمن الدوله )

ــ ماشى يابية

هنا يتدخل الشخص الأخر في الحوار

ــوانا يافندم مليش دخل بالناس دى ، أنا فلان الفلانى يبقى قريبى .

ــ و إنت برضه إنزل . و يلا مش عاوز أشوف و شكم هنا !!

أمام و كيل النيابة في اليوم التالى :

ــ إشمعنى إنت إللى إتقبض عليك يادكتور أحمد ؟

ــ لأنى مش معايا جواز سفر أوربي و مش قريب لحد كبير في البلد دى !

ــ أنت واضح إنك رايق ! انا مش فاهم حاجة .

فحكيت لوكيل النيابة عن هذه الواقعه ، وطلبت منه إثباتها في محضر النيابة فأجاب :

ــ إشمعنى دى إللى عاوز تثبتها !! عديها يادكتور أحمد مش هتفرق كتيير .

و قتها بلعت ريقى فشعرت ان طعمه قد أصبح "مرا" على غير العاده .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عربة الميكروباص تقف أمام مركز شرطة سنورس و تقذف بكل من بداخلها داخل السجن ، و يبدأ التعامل ينتقل من ضباط أمن الدوله إلى الضباط المناوبيين في المركز في هذا اليوم ، و لأن المركز مجهز لإستقبال اللصوص و المجرميين و أصحاب السوابق فإن الضباط في المركز لم يستيطعوا أن يجدوا فارقا بين التعامل معنا و بين التعامل مع الأصناف الأخرى التى ترد على المركز .

لم يستطيع الضباط التفريق بين المقبوض عليه بتهمة جنائية و بين المقبوض عليه بتهمة سياسية لتصفية الحسابات و إغلاق ملفات تسبب صداع في رأس النظام .

لم يستطع التفريق بين اللص و المرتشى و بين مجموعه بها أستاذ بالجامعه و 2 أطباء و 7 محاميين(أحدهم متخصص في شئون المعتقليين السياسيين ولديه خبرة في هذا المجال تزيد على 15 سنه ) و 7 مدرسيين و غيرهم .

في البداية كان رفض دخول أى بطاطين للتدفئة علما بان هذ كان يوم 27/11 و في وقت كانت الشتاء قد بدأت ترسل رسلها لتبشر بالقدوم ، و السجن كان شديد البروده لدرجة لا تصدق ، و لم نجد أى مانع يمنع دخول البطاطين غير التعنت .

بعد قليل (حوالى 5 ساعات ) سمح بدخول البطاطين لكن منع دخول أى طعام جاء به الأهل أو المعارف غير الطعام الذى أشترته إدارة السجن . أمام الملابس التى جاء بها الأهل لذويهم فلم نعلم مكانها حتى الآن و بالطبع لم نجد سببا لمنع البطاطيين غير التعنت أيضا !

طريقه التعامل معنا أشعرتنى بأننا مواطنون من الدرجة الثانية او الثالثه .

"انت مقبوض عليك

و انا الضابط هنا

أنت تسير حسب ما أريد لا حسب ماتريد .

أنا الذى أقرر و أنفذ و أنت لا يجب عليك أن تشتكى أو ترفع صوتك بالإعتراض . "

في صباح اليوم التالى ............

و أثناء إنتظار عربة الترحيلات التى ستنقلنا إلى نيابة أمن الدوله قام الضباط بوضع "الكلابشات " في أيدينا قبلها ب3 ساعات كامله .

في أثناء ذلك أراد فرد منا الدخول إلى الحمام لقضاء حاجته فقام العسكرى بالتهرب منه و أخذ المفتاح الذى يستطيع من خلاله فك القيد .

و ظل السؤال يتردد : أين الشاويش الذى معه المفتاح ؟ دون إجابة واضحه .

هنا تقدمت إلى مجموعه من الشويشية الجالسين في الشمس و قلت لهم :

هل يرضيكم أن لا يستطيع طبيب و محام ان يذهبوا إلى الحمام لأن زميلكم يريد أن يريح نفسه و يكبر دماغه ؟

إحنا مش مجرميين

إحنا معانا أستاذ في الجامعه و دكاترة و محاميين

مش معقوله كده !!

حد يشوف الراجل ده فين !!

و أخير تحركوا للإستدعاء زميلهم الذى جاء و على و جه علامات القرف .

و قتها بلعت ريقى فشعرت ان طعمه قد أصبح "مرا" على غير العاده .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

داخل مزرعه طرة .................

للشاويش الكلمة الأولى و الأخيره .

هو المتحكم في سير الأحداث داخل الزنازين ، سواء شئت هذا ام أبيت .

هذا الشويش الذى ربما لا يجيد القراءة و الكتابة هو الذى يتحكم في مجموعه بها كل الفئات المثقفه و أصحاب الفكر في مصر .

باب الغرفه لا يفتح إلا بعد إذن الشويش و لا يغلق إلا بموافقته أيضا !

عندما تريد الحركة بحرية داخل السجن تجده يقف لك بالمرصاد :

ممنوع السير في هذا الإتجاه

ممنوع الحديث مع فلان

عفوا يجب ان أغلق الغرفه الآن عليكم .

عفوا لا يمكنك فعل كذا و كذا

أن تجد أن شاويش هوالمتحكم في الأمر داخل السجن ليس مستغربا في مصر على كل حال ، فامين الشرطة خارج السجن هو المتحكم في الأمور أيضا ، أمين الشرطة يستطيع الآن أن يرهب من يشاء و أن يبتز من يشاء رغم أنه في النهاية أمين شرطة !!

لكم حزنت عندما كنت أرى مثل هذه المواقف .

رغم أنى على المستوى الإنسانى أتعاطف جدا مع الشاويش المحبوس مثله مثلى تماما داخل عنبر السجن و لا يستطيع أن يتنفس دون أن ياخذ أذن من سيده " أقصد ضابط الشرطة بالطبع " و الذى يخاف من ظله .

لكن للأسباب السابقه أجد أن طعم المراره يزداد في حلقى !!

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليس معنى قولى أن أفضل أيام حياتى قضيتها و انا داخل السجن انها كانت أيام بلا مرارة أو بلا تعب .

هذا كلام لا يمكن تصوره داخل السجن .

و لا يمكن تصوره في هذه الحياه .

يمكن تصوره فقط في الجنه .

و إلى الآن لم ندخل الجنه بعد .

( أتمنى من الله ان يجمعنا فيها جميعا )

لكن ما يمكن قوله في بساطة :

أن كمية التعب و المرارة التى مررت بها يمكن التغاضى عنها او إعتبارها الضريبة التى يجب ان أدفعها من أجل قضاء الوقت بإستفاده كبيرة .

ورغم حلاوة هذه الأيام بالنسبة لى إلا أنا هذا لا يعنى أنى أود رجوعها بأى حال من الأحوال .

على العكس تماما .............

فإن معنى الحرية التى كنت أتكلم عليها كثير فيما مضى أضيف إليه بعد جديد

كنت أتحدث عن الحرية السياسة

و حرية إنشاء الأحزاب

و حرية التعبير

و غيرها من الحريات

الأن أضيف إليها الحرية في أبسط صورها :

أن تستطيع أن تغلق باب غرفتك او تفتحه بناء على رغبتك و ليس رغبه الشويش !!

هناك ٨ تعليقات:

غير معرف يقول...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الاخ الفاضل الطبيب احمد محسن



الحرية .. صغيرة الاحرف كثيرة المعاني

ربما لا يشعر بمعناها الا فقدها ..

سيدي الفاضل ..أعانك الله وثبتك على طريق الدعوة وفك أسر جميع اخواننا المعتقلين

وجزاكم الله الجنة

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ومضات .. أحمد الجعلى يقول...

ياااااااااااااه

حمد الله على السلامة يا دكتور احمد

اللهم لك الحمد والشكر، ويارب دوما حر طليق
وربنا ينفع بيك

انا لم أقرأ التدوينة بعد ولكن كنت ازور مدونتك لعلى أجد اخبارا جديدة فسعدت بفضل الله ورحمته ومنه علينا بخروجك سالما غانما مأجورا إن شاء الله
أقوى عودا وأكثر صمودا

بجد مبسوط جدا بخروجك يا احمد ونفسنا نشوفك قريب يمكن يوم ما نحلف القسم
(:

المستكشف/احمد محسن يقول...

شكرا يا بنت البنا على هذا الكلام الجميل ، بس فعلا هناك فرق كبير بين أن تتحدث عن الحرية و بين أن تشعر بالفعل بمعناها الحقيقى !!
احمد الجعلى .........إنت واحشنى جدا جدا
أنا من زمان متابع مدونتك و نفسى أقابلك لكن ظروف نزولى مصر مبتسمحش إلا بعدد ساعات قليل من الزيارات وأنا عارف إنك دايما مشغول لكن على العموم إحنا أكيد هنتقابل بس مش فى يوم حلف القسم لأن الإمتياز بتاعى هيتأجل 3 شهور بسبب هذا الإعتقال و بالتالى لن أحضر معكم القسم ........للأسف .

مصطفى محمود يقول...

ايه حكاية المرارة دى امال احنا نقول ايه دا احنا اتشحططنا وراكم يا ابنى يكفى ان احنا كنا بنتعامل مع عامر عبدالمقصود نائب المأمور اكيد عارفه هوا اللى كان رافض يدخل لكم اى حاجة اما بعد كده ................لا تعليق

زهرة الاسلام يقول...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أخى الكريم :أحمد محسن ...حمدا لله على سلامتك وربنا يتقبل منك ويجعله فى ميزان حسناتك ..فك الله أسر الجميع

سبحان الله ...لقد أصبحنا قد عالم شوهت وتبدلت فيه الكثير من المفاهيم-اصبح الانسان الذى يجتمع فيه العقل والفكر والدين من مثيرى الشعب ودعاة البلبلة ومن المغضوب عليهم ،فى الوقت ذاته ويصبح ذى المنصب والنسب والجاه وغيره هم المرضى عنهم..
ضاعت وفقدت اصبحت معانى الحرية ...حسبنا الله ونعم الوكيل

ولكن قيل لنا ان اشد ساعات الليل سوادا تلك التى تسبق الفجر ...وها هو الفجر بدا يلوح لنا من بعيد
الا إن نصر الله قريب

حفظكم الله

أحمد سيف النصر.. مراسل صحفى بجريدة الدستور يقول...

الف مبارك عليك يا عم احمد عارف انك زهقت من مبارك واحد حد يدعى لك بالف يا نهار اسود

غير معرف يقول...

سيد أبوندي حمدلله علي السلامه

غير معرف يقول...

سيدأخوك في ال....بقولك أناأول مره أدخل على المدونه بتاعتك وأنا ماليش خبره كبيره في الكمبيوتر ولكن حبيت أكتب لك أي حاجه