الأحد، أبريل ٢٧، ٢٠٠٨

الحلقة الأخيرة:أسطورة التعذيب




و أخيرا إكتمل العدد
دخل أخر فرد سوف يكون معنا في عربه الترحيلات الى ستنقل كل منا إلى مكان مختلف .
انا و عمرو إلى مقر أمن الدوله بالفيوم .
و إثنين إلى سجن دمو
وفرد إلى سجن الوادى الجديد
و أخر إلى سجن الفلاحين بالفيوم .
و كان هذا الذاهب إلى سجن الفلاحين هو أخر القادمين .
إنتظرناه امام القصر العينى إلى أن جاء .
جاء رابطا يديه اليسرى .
و بدخوله إلى عربه الترحيلات التى كانت ممتلئه عن أخرها رغم قله عدد الأفراد إكتمل النصاب القانونى لنا و بدأت العربه في التحرك بنا .

برغم كل التأخير الذى حصل
ورغم زحمه عربه الترحيلات
كنت سعيدا
هذه أخر ساعات لى و انا معتقل و عما قليل سوف أعود إلى حياتى الطبيعيه .
لكن
ما أن بدأت عربه الترحيلات بالحركة إلا و عم السكون .
وبدأ الفضول في داخلى
كل شخص من هؤلاء بالتأكيد لديه قصه ليرويها لنا عن أسباب إعتقاله
لذلك قررت أن أسئل كل فرد عن قصته
وبعد أن إنتهى كل فرد من روايه قصته قلت لنفسى :
ليتنى ما سالتهم
لكنى أترك لكم تحديد إذا كان هذا الحكم صائب أم غير صائب .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
و لو متمش إعدامى أكيد بعد ما أطلع عتعرض على أمن الدوله ، و دول مش هيرحمونى . أكيد هيقبوضوا على لحد ما اموت ، و هيموتونى من التعذيب عشان إللى معتقدين إللى أنا عملته
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأول
بدأت بالقادم من القصر العينى و الذى يربط يده
ــ خير يا أبويا ! جى القصر العينى ليه ؟
ــ أبدأ يابنى أصلى هعمل عمليه في إيدى بس الدكتور أجلها
كانت لهجته بسيطه جدا ، فلاح زى مالكتبا بيقول ، و من طريقه كلامه يبدو انه طيب و على نياته "زى مابيقول الناس " ، هذا بالطبع زاد من الفضولى داخلى لكى أعرف لماذا هو في السجن ؟
ــ إنت إتجرحت في أيدك ؟ حد ضربك
ــ لأ ، دا انا كنت بحاول أنتحر !!
هنا تغير الإنطباع السابق ، هذا شخص كان في طريقه إلى النار لولا ستر الله ، مالذى يدفع شخص للإنتحار مهما تكن الظروف . وعند هذه النقطة بالتحديد كل من في العربه زاد إنتباهه و نظر إلى الرجل مباشرة لكى يعلم لماذا أقدم على الإنتحار
ــ ليه كده يا حاج ، إيه إلى يخليك تفكر في حاجة زى كده ، دا إنت منت في طريقك للنار لولا إن ربنا ستر .
ــ لحظة ضعف ، أعمل إيه مكنتش قادر أستحمل ، و لقيت حته السيراميك قدامى فعورت بيها نفسى .
ــ ضغوت إيه إللى ممكن تعمل فيك كده ، الرزق ده بتاع ربنا و هو إللى بأيده أنه يرزقك .
ــ الضغوط دى مش عشان الفلوس ، دى عشان القضيه إللى انا فيها
ــ إنت متهمينك بإيه يا حج ؟
ــ متهمنى انى انا إللى غرقت الناس بتوع الفيوم إللى كانوا مسافرين إيطاليا في البحر ، إنى كنت السمشار بتاعهم .
هنا تذكرت القصه كامله من الجرائد ، "سمسار الموت" الذى ضحك على الشباب وأخذ منهم المال ثم حاول تسفيرهم في مراكب متهالكه غرقت بهم جميعا . هذا شخص يستحق الإعدام ،ولا يجب أن يكون فى قلبى أى مكان للشفقه تجاهه .....هكذا كنت أحدث نفسى .
أكمل هو الحوار :
و انا و الله مليش دخل بالموضوع ، أنا إبنى مسافر في إيطاليا ، إتصل على و قالى إن فيه ناس إصحابه من الفيوم عاوزين يسافروا و طلب منى إن أدلهم على السمسار إلى سافر معاه ، و أيسر لهم الأمر
رحت الفيوم و قابلت أهليهم و قلتلهم على الأسعار ، و جه واحد معايا بالفلوس بس خافوا إنى أعمل فيه حاجة في الطريق فأخدوا عليه و رقه بالفلوس كلها .
المهم السمسار أخد الفلوس و هما سافروا بالفعل و أنا مليش أى علاقه غير إنى واسطه .
وحصل إللى حصل
إلعيال غرقت
إتصلت على أهليهم قالوا لى : هات فلوسنا و إحنا نكون صافيين .
رحت للسمسار و طلبت الفلوس ....إتأخر على ، راحوا اهالى العيال مبلغين عليا انا لأن معاهم الورقه . و مش معاهم أى حاجة ضد السمسار !!
رغم إنى انا في حياتى مسفرت حد ، و لا انا عمرى سافرت بره مصر . و مليش دخل بالموضوع .
بدأت مشاعرى تجاه هذه الرجل تتغير خاصه مع الجزء الأخير بالإضافه إلى لهجته شديده الطيابه ، لكنه كان يخبأ لى المزيد من المفاجأت !
لما إتعرضت على النيابه وجدت كميه وسائل الإعلام تفوق الوصف ، كله بيصور في ...كاميرات فيديو ، كاميرات تصوير ، موبيلات و الهمهمات تتردد " سمسار الموت "
" هو ده "
" منه لله "
شعرت و كأنى " ملحوظة : الجمله القادمه لازلت أتذكرها حتى الآن منذ أن قابلت الرجل "
شعرت و كانى هيعدمونى ميت مرة ، رغم إن محدش من الصحفيين دول جاء و سألنى إنت عملت إيه !؟
أكمل الحوار :
لما دخلت الزنزانه خفت على نفسى
انا كده هيعدمونى على الأقل
و لو متمش إعدامى أكيد بعد ما أطلع عتعرض على أمن الدوله ، و دول مش هيرحمونى . أكيد هيقبوضوا على لحد ما اموت ، و هيموتونى من التعذيب عشان إللى معتقدين إللى أنا عملته ، عشان كده فكرت إنى أنتحر .
أنا دخلت في الحوار : يعنى إنت فكرت تنتحر خوفا من امن الدوله و إللى هيعملوه فيك ؟
ــ أيوه ، أكيد مش هيسبونى في حالى .
ــ طيب ، هما كانوا قبضوا على إللى تسبب في حريق بنى سويف ، ولا إللى تسبب في غرق العباره .....أمن الدوله مش مهتم غير بالسياسيين فقط ، ملوش علاقه بالجنائى .
ــ انا محدش قالى الكلام ده ، يعنى هما مش هيقربوا منى ؟
ــ ولا إنت تشغلهم أصلا !!
ــ يعنى محدش منهم هيقرب منى
ــ و لا هيفكروا فيك من الأساس !
ــ الحمد لله ! أنا ميفرقش معايا السجن لأنه أيام و هتعدى لكن أهم حاجه لما أطلع ميخدونيش امن الدوله .
قلت له : إطمنى خالص . مش هتروح أمن الدوله .
بعدها سكت الرجل
و كل من في السياره سكت .
نظرت إلى عمرو و كانت ملامح التأثر على وجهه من مدى الظلم الذى تعرض له الرجل .
الباقيين كلهم عمهم السكون .
لكن احدهم و كان يرقد على ظهره و كأنه نائم منذ ان دخل إلى عربه الترحيلات قال فى صوت هامسه سمعناه جميعا :
منك لله يا حسنى !!
إنت السبب في ده كله !!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
و بالفعل إتجمعنا و وضعنا خطة ودعينا الشباب إنهم ينضموا إلينا عشان ننصر فلسطين ، و بدأنا نشوف شرايط فيديو كتير للتدريبات و في نفس الوقت نجمع فلوس عشان نشترى سلاح .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الثانى و الثالث
مع بداية دخولنا عربة الترحيلات جاء إلينا مبكرا
صغير في السن
ذو لحيه كثيفة
وكان دائم الحركة وسبب لى انا شخصيا القلق
ما بين محاوله الإحتكاك بالشويش الذى أدخلة إلى عربه الترحيلات ، إلى محاوله الإحتكاك بالشاويش الذى يقف بجانب عربة الترحيلات .
ووسط هذا كان حديثه قد بدأ يكشف عن هويته :
"الشويشية اعوان الطواغيت "....كانت هذه الجمله كافيه لأعرف طبيعه شخصيته لكنى كنت في شوق لأعرف مالذى جاء به إلى السجن
ــ قصتك إيه ؟ إيه إللى جابك ؟
ــ إحنا تنظيم كان عاوز يقدم الدعم لفلسطين ، إحنا قضيتنا قضيه أمن قومى عشان كده غطوا عليها و لم تنشر في الجرائد .
ــ تدعموا فلسطين إزاى ؟
ــ كنا بدأنا نجيب شرايط من على النت للمجاهدين من فلسطين و إزاى بيدربوا و كنا بنحاول نقلدهم و نتدرب زيهم ، كنا عاوزين نطلع مجاهدين زيهم .
وكان عندنا خطة إننا نجمع فلوس و نشترى سلاح و نعبر الحدود عشان نروح نجاهد معاهم .
كانت مشاعرى متأرجحه حتى هذه اللحطة امام ما يقول لكنى اثرت الصمت و ان أتابع معه القصه حتى النهاية ...
و بالفعل إتجمعنا و وضعنا خطة ودعينا الشباب إنهم ينضموا إلينا عشان ننصر فلسطين ، و بدأنا نشوف شرايط فيديو كتير للتدريبات و في نفس الوقت نجمع فلوس عشان نشترى سلاح .
ــ و مين إللى كان بيحركم ؟ مين إللى قالكم على الفكرة دى ؟
ــ طالب معانا
ــ إنت كنت كلكم طلبه ؟
ــ ايوة
ــ بس إنت لسه صغير في السنه ، يعنى على الأقل يكون معاكم واحد كبير في السن عشان يقولكم تعملوا إيه ، أو واحد جاهد قبل كده ...
ــ مش شرط إحنا كنا هنعلم نفسنا بنفسنا !!
ــ تعلموا نفسكم .....!! ( حتى قياده السيارات تحتاج إلى من يعلمك إياها ، فمابالك بالقتال !!)
ــ إنت كنتم كام واحد ؟
_ حوالى 30 .
ــ و إزاى إتقبض عليكم ؟
ــ الكلام إتنشر ، و الإخوه أخدها الحماسه فدعت ناس كتير ملهاش في موضوع الجهاد .
ــ يعنى إيه مش فاهم !!
ــ كنا نروح نقول لأخ فيعجب جدا بالفكرة فيروح يقولها لكل زملائه ، فزملائه يقول لناس تانية وهكذا ....الفكرة إنتشرت و إتعرف إننا فلان وفلان هما إللى قائمين عليها .
هنا مشاعرى بدأت تتغير
وشعرت إننى امام قصه كوميدية من الطراز الأول !!
ــ هو إنتم كنت بتقولوا لأى حد !!
و بعد كده مش المفترض إللى بيجاهد بيختار نوعيه معينه من الناس !! أصل مش كل الإخوه ينفعوا يجاهدوا !!
ــ ما هو إحنا كنا هنجهزهم و نأهلهم .
ــ حد فيكم جاهد قبل كده ؟
ــ لأ
ــ أمال هتجهزوهم إزاى ؟
ــ من خلال شرائط الفيديو .
ــ شرائط الفيديو !!
ـ ايوة .
ــإنتم أكبر واحد فيكم كان عنده كام سنه ؟
ــ يعنى 26 ، 27
هذه شخصية في منتهى الطيبة و في منتهى السذاجة !!
( وعفوا إن كان هذا قد يغضب البعض )
هو غير مؤهل إيمانيا و لا فكريا و لا جسديا و لاعلميا وليس له أى خبرة في التنظيم و التخطيط ثم بعد ذلك يريد أن يقوم بعمل تنظيم للجهاد في فلسطين التى ليست في حاجة أصلا إلى مجاهدين بقدر حاجتها إلى الدعم المادى و المعنوى .
لكنه مصر على أنه بطل و مناضل و أن المشروع أجهض في مهده .
و امام شخص يفكر بمثل هذه السذاجة في عصر لا ينفع فيه إلا التخطيط العلمى المنظم و المستوى العالى من الخبرة و القياده تحسرت على مثل هذه "النوايا الصادقة " التى تضيع هباء منثورا في مشاريع وهمية و أفكار حالمة .
لقد تحسرت على الحركات الإسلامية التى لا تحاول أن تقرأ تاريخ من سبقها و تعرف أخطائهم حتى لا يقعوا فيها مرة أخرى ، لكننا نصر على أن نفكر بنفس طريقه التفكير و نفس طريقه العمل لنحصل على نفس النتائج و كأننا في حلقة مفرغه !!
لم أحاول أن استكمل معه الحوار فوه ليس لدية جديد و انا قد زهدت في ان أستمع إلى تجربة قرأت عنها في الكتب أكثر من مرة .
لكن بعد قليل دخل علينا في عربة الترحيلات شخص ثالث ، علمت فيما بعد أنه من سيناء و أنه كان متهما في تفجيرات سيناء .
عندما حاولت أن أفتح معه الحوار كان شديد الصمت . و منذ أن دخل غلى العربة فإنه تمدد و بدى و كأنه في وضع النوم .
من معه قالوا لى أنه من المفترض أن يفرج عنه قريبا بعد أن أقر ان ما قام به كان على غير الصواب ،كان محملا بكميات كبيرة من الكتب في الكمبيوتر و الإتصلات و غيرها .
وبدا لى أنه أحد هذه القصص التى أخدذت الحماسه في الطريق فأرتكب الكثير من الأخطاء و بعد أرتكابها إكتشف انه كان مخطئا ، فندم على ما مضى !!
يا حسره على العباد
ألا نتعظ أبدا من أخطائنا السابقة !!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعد أن نزل كل الأشخاص السابقة من عربة الترحيلات
لم يتبقى غيرى و عمرو أيوب و ثالثنا
وهذا كان حكاية أخرى تستحق أن تروى
فاربطوا أحزمتكم فأنتم على مشارف قصه تراجيدية من الطراز الأول .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الرابع
كان هذا قبل أحداث الحادى عشر من سبتمبر بفترة
كنت قد بدات أولى خطوات الإلتزام
و كفعل طبيعى فانى قمت بتربية لحيتى و تقصير الجلبية
و بعدها بفترة بدأت بالتعرف على عدد كبير من الإخوه ، لم أكن أعرف بالطبع إنتمائتهم و لا تنظيماتهم في هذا الوقت . لكنى كنت معحب بالسمت الإسلامى لهم .
جاءت أحداث سبتمبر
وألقى القبض على عدد منهم
وتحت التعذيب ذكر عدد من الأسماء كنت من ضمنها
فألقى القبض على
وهكذا دخلت المعتقل .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يونس "وهذا ليس أسمه الحقيقى " كان شديد النحاله لدرجة غريبة ، طويل .وله شعر شديد و لم يتكلم أغلب الوقت إلى أن خلت العربة علينا نحن الثلاثة .
وكان هو السبب في تأخيرنا لفترة 4 ساعات لأنه كان يزور والدته .
وكنت أحمل مشاعر غضب تجاهه لأنه السبب في تأخيرنا لكنه بعد دخوله إلى عربة الترحيلات أعتذر عن أنه السبب في تأخيرنا لأنه كان يزور والدته التي منع من زيارتها منذ سنه !
هنا تلاشى كل الغضب الذى كان بداخلى .
أثناء الطريق حدثنى كثيرا عن قصص التعذيب التى حدثت للمجموعه التى كان فيها ، وكيف أن بعض الأفراد بالفعل لم تقم بأى شئ ، كانوا مثله في بداية الإلتزام لكنهم من أجل الإنتهاء من التعذيب كانوا يعترفون باى شئ.
وحكى لى عن زميله الذى صمد في التعذيب لمده طويله فقال له الضابط :
إنت كده كده هتعترف ! إذا كان بتوع جوانتانموا في الأخر إعترفوا هيكون إنت إللى مش هتعترف !!
"الضابط القائم على تعذيبه كان من ضمن الذين قاموا بإنتزاع الإعترافات من معتقلى جوامنتاموا "
لكن بعد فترة توقفت عربة الترحيلات
ووقفة داخل العربة
كان ظهرى إلى مبنى أمن الدولة بالفيوم
وعقلى يفكر فيما يمكن ان يحدث لى بعد قليل
لكن و جهى كان مع يونس ...
كان يقص على من قصص التعذيب ما تشيب له الولدان
و كان له تقسيمة الخاص به :
تعذيب حسب الأماكن : أمن الدوله بمدينة نصر ، لاظوغلى ، جابر بن حيان .
تعذيب حسب طرق التعذيب : وسائل التعذيب البدنى ، وسائل التعذيب المعنوي ، طرق الضغط على العائله .
كان كل حكايه منها دراما خاصه بها .
حدثنى عن النكته التى تقول أن هناك واقعه إغتيال حدثت شارك فيها 3 أشخاص و أختبئوا في غابة و أرادت 3 دول أن يعرفوا من الذى قام بهذه العملية ، فقامت المخابرات الأمريكية بمراقية الغابة بالأقمار الصناعية و أستطاعت الوصول إلى أحد منفذى العملية بعد ساعتين ، ثم جاءت المخابرات الروسية ومن خلال المجسات الحرارية استطاعت تتبع الشخص الثانى و الوصول إليه بعد ساعتين ، و عندما دخل الأمن المصرى الغابة للبحث عن الشخص الثالث الذى شارك في العملية خرجت الغزاله بعد 10 دقائق من الغابة و هى تصرخ و تقول : أنا إللى قتلت ، أنا إللى قتلت !!
حدثنى عن من ظلوا 100 يوم في غرفه أرضيتها مليئة بالمياه وهو لا يرتدى شئ غير الملابس الداخليه و لم يقتح عليه الباب طوال هذه المدة إلا وقت خروجة من الغرفة . و كان الطعام ياتى إليه من خلال فتحة في باب الزنزانه .
وكان طوال هذه الفترة يتحدث إلى و نبرة صوته هادئة لكنها بدأت أن تعلو قليلا بقليل
و يبدو عليه التأثر
و أنه قد انفعل مع الحكى .
و كنت مستتغرقا فيما يقوله لأنى مقدم على دخول أحد هذه الأماكن التى يتحدث عنها .
وربك يستر .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
.
لما يجى ضابط "يطنطط " عليا و يهنى و يبهدل كرامتى و بعد كده أقوم انا معترض على طريقته يقوم هو عامل لى تأديب فياخد منى البطانية و الموقد و الكتب ..
بياخد منى كل دنيتى
كل ما املكى في هذه الدنيا
هما دول فلوسى
هما دول رأس مالى
عاوزنى بعد كده أتعامل معاه إزاى

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـ انا عندى سؤال ، لكن استحملنى فيه .
ــ اتفضل ، يعنى إنت إيه إللى خلاك تكفر الناس دى بالطريقة دى .
أنا أسف إذا كان السؤل محرج لكن أنا أقصد هل أنت قبل أن تعتقل كنت تتنبى هذا الرأى ؟
ــ أنا عندما اعتقلت لم أكن قد كونت أى أراء بعد !، لكنى مع أول تجربة لى في لاظوغلى " كفرت" كل العاملين بها فقط ، و في التجربة الثانية في سجن " لا أذكره الآن " كفرت كل العاملين به أيضا
أنا مقاطعا : يعنى أيه تجربة ؟
ـ تعذيب يعنى ، و بعد كده أثناء ترحيلى في عربة الترحيلات عاملنى الضابط معاملة شديده السوء فكفرت بعدها كل العاملين في الشرطة !!
لحظات من الصمت مرت بعد أن نطق كلماته الأخيرة
كنت أشعر انى ادخل في منطقة شديده الوعورة لكنى لم أتوقف
و بدأت معه نقاش طويل عن فكرة التكفير و شروطها ومن يقوم بها
و هو مازال مصرا على موقفه
أنا أستدعى كل الأدله التى قراتها من قبل في هذا الموضوع و هو يهدمها لى دليل بعد دليل
و عندما شعرت في النهاية انه لن يغيير من رأية قلت له :
بغض النظر عن حكم الشرع في هذا الموضع إنما إنت برضه لازم تعامل اللناس دى كويس عشان مصلحتك ،
عشان لا يتحول العداء من عداء عام إلى عداوة شخصية
عشان يسمحلك بحد أدنى من الإحترام .
ــ يا دكتور أحمد إنت بتقول كلام من الكتب ، الكلام ده مبيحصلش معانا
إنت لو مريت باإللى انا مريت بيه مش هتقول الكلام ده
إنت بتقول كدها دلوقت لأنك مطمن و عارف إنك هترجع بيتكم و إنى فيه حد مهتم بيك و إنه لو حصلك حاجة في ناس هتعرف و مش هتسكت و هتتكلم . عشان كده إنت بتقول الكلام ده .
إنما إنت لو مريت بإللى انا مريت بيه مش هتقول الكلام ده أبدا . ( لهجة الحوار كانت قوية و متسارعه و الصوت بدأ يعلو و انا لا زلت في إنتظار ما سيحدث لى و كلنا نقف أمام أمن الدولة بالفيوم )
أنا راجل كل ما املكة من الدنيا بطانية بنام عليها على الأرض و موقد غاز عشان أسخن عليه المية في الشتا و ممكن أعيد طبخ الأكل إللى بيجلنا عشان يكون قابل للمضغ و مجموعه كتب ، هو ده كل إللى انا أملكة في الدنيا . لما يجى ضابط "يطنطط " عليا و يهنى و يبهدل كرامتى و بعد كده أقوم انا معترض على طريقته يقوم هو عامل لى تأديب فياخد منى البطانية و الموقد و الكتب ..
بياخد منى كل دنيتى
كل ما املكى في هذه الدنيا
هما دول فلوسى
هما دول رأس مالى
عاوزنى بعد كده أتعامل معاه إزاى
دا " من مات دون ماله فهو شهيد "
طيب الراجل ده مش كافر يا عم
فرضنا إنه مش كافر زى ما انا بقول
بس هو بيعتدى على
بياخد منى مالى و دنيتى و حياتى كلها
مدافعش عن نفسى
مموتش نفسى عشان بطنيتى و موقد الغاز الخاص بى .؟!!
قلي إنت : انا أعمل إيه ؟
أعامله إزاى ؟!!
...........................
إنتهى يونس من الكلام .
لكن كلماته أثرت بي بشده
لقد كنت أختلف معه على المستوى الفكرى إلى حد كبير
لكنه بعد ان تكلم عن معاناته الإنسانية فإنى لم أستطع إلا ان ......
اصمت .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يونس أنهى كلامه و جاء الضابط ليخبرنا بانك إنت و عمرو ذاهبون إلى "العزب" السجن العسكري بالفيوم !!
كل من خرج قبلنا ذهب إلى أمن الدولة و بعدها بساعات ذهب إلى منزله
قلماذا نحن ذاهبون إلى سجب جديد ؟!!
استنتجنا بان امامنا أسبوع أخر في السجن حتى يتم الإفراج عنا
وقلت لعمرو : إللى صبرنا 60 يوم قادر يصبرنا اسبوع
لكن ما علمته بعد ذلك
أن الله كان يهيئ لنا تجربة جديده جدا
و في نفس اليوم
و أن الذهاب إلى سجن "العزب " يحمل لنا مفاجأة أخرى
و شخصية جديده
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ا
نا يا ما قلت للضباط الكلام ده ، حرام عليكو إللى إنت بتعملوه في الشباب ده
إنتم كده بتخليهم مشاريع أرهابيين في أقرب فرصه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الخامس
ما أن فتح باب سجن "العزب" إلا ووجدنا رجل شيخ كبير اللحية فى حدود الخمسين من عمره في استقبالنا بوجه بشوش و ترحيب بنا بصوت جهورى :
يا أهلا ....يا أهلا
نورتو المكان
و أصر على أن يحمل الحقيبة الخاصة بى إلى الداخل .
كان هو السجين الوحيد المدنى في هذا السجن و الباقى عساكر .
و كان فرحا باستقبالنا .

وبعد السلامات و التحيات كانت كل الحواجز قد إنهارت بيننا و بينه و اصبح مثل أبانا الكبير و سألته السؤال الذى ظل ملازمني طوال اليوم :
ــ إنت إيه إللى جابك هنا ؟
ـــ ياااااااااااه
دى قصه طويله
انا معتقل من اوائل التسعينات في احد القضايا الكبيرة ( كانت قضية شهيرة جدا على مستوى مصر ) ، و مطلعتش لحد الآن .
أول ما إتقبض علينا رحنا سجن العقرب . و كل واحد قعد في زنزانه إنفرادى .
الشويشية قالوا إنكم صدر لكم قرار إعتقال .
و اهلنا معرفوش إحنا رحنا فين .
باب الزنزانه متفتحش علينا لمده 8 سنوات متصله !!!!!
لم نرى الشمس فيها أبدا
كل شوية يقولوا السجن مقفول لمده 6 شهور ، بعد كده السجن هيتقفل كمان 6 شهور
هيتقفل سنه
كمان سنه
لحد ما عدت ال8 سنيين .
كل واحد في زنزانه لوحده ، بيدخل ليه الأكل من خلال فتحة في الباب .
أنا ( متسائلا) : 8 سنين مشفتش فيهم السماء ؟
ـ مشفتش فيها الشمس و مش عارف هطلع إمتى و اهلى ميعرفوش انا فين !!
ـ و بعد كده ؟
ــ بعد كده نقلونا من سجن العقرب إلى سجن تانى ، كنا فيه 7 في الزنزانة ، بس الزنزانة كانت ضيقه جدا لا تسمح لنا بالنوم في نفس الوقت . فكنا نقسم الليل علينا : قسم ينام على الأرض و قسم يظل واقفا !!
( لم أستطع تخيل مثل هذا الموقف )
و فضلنا على الوضع ده لمده 3 سنيين كمان .
انا بدأت أشعر بالدوار هو يتحدث عن أحداث لا أستطيع تخيلها و يتحدث عن السنيين كأنها دقائق ، و هو برغم كل هذا كان لديه من الرضا ما يكفى محافظة كاملة .
كان يروى لنا قصته بالتفاصيل التى لا أتذكرها كلها الآن
لكنها كانت قصه شديده القسوة و هو كان شديد الرضا .
لكنى خفت أن يكون مازال متمسكا بالفكر التكفيرى او بمبدأ الإغتيالات و القتل بعد كل هذا ، فقصصت عليه مامررنا به اليوم خلال عربة الترحيلات ثم إختتمت برأيه فيما سمع و انا قلق مما قد يكون عليه جوابه :
ــ دول شباب عندهم حماسه لكنهم بيعيدوا نفس أخطائنا ، نفس الأخطاء إللى وقعنا فيها هم بيقعوا فيها تانى للأسف ، انا معرفتش إن إللى أنا بعمله غلط و إن العملية إللى انا شاركت فيها دى كانت خطأ إلا أثناء ما كنا مستخبيين و الأمن بيدور علينا .
لما قعدت مع نفسى وفكرت عرفت إننا غلطانيين ، لكن كان الوقت عدى على الندم .
أنا : ياااااااااااااه ، يعنى إنت عرفت إن ده غلط قبل ما يتقبض عليك ؟
ــ ايوة
ــ صعبة اوى على النفس
ــ صعبه لكن ربنا بييخفف
ــ بس دول أكتر من 15 سنه من عمرك
و سكت و سكت هو .
و أثناء ذلك قام للحديث مع الجنود و الشويشية و بدا واضحا حجم الحب الذي يكنه الناس هنا له و مدى التقدير و الإجلال له .
قلت له قصه الشاب الذى دخل المعتقل و هو لا يكفر أحد فتعلم التكفير بالداخل فقال لى :
انا يا ما قلت للضباط الكلام ده ، حرام عليكو إللى إنت بتعملوه في الشباب ده
إنتم كده بتخليهم مشاريع أرهابيين في أقرب فرصه
أنتم بتقولوا إحنا بنعمل كده عشان نحارب الإرهاب و إنتم مش عارفيين إن بأعمالكم دى إنتم إللى بتصنعوا الإرهاب .
بس مفيش فايده ، لا حياة لمن تنادى .

كان إحترامى له يزداد مع كل كلمة ينطق بها .
شخص له تجربة سيئة لكنها لم تؤثر به
وهو لازال لدية أمل أن يخرج من السجن ليرى أولاده الذين تركهم من أكثر من 15 عام . و ان يشاهد فرح أبنائه .
غير ناقم على الدنيا ولا على الذين ظلموه
راضى بقضاء الله له
و مقر بخطئة
و يحمل وجهه علامات الرضا و السرور .
كنت سوف أخسر الكثير لو لم ألتقى به قبل خروجى .
هذا يوم لا اعتقد إنى سأنساه بسهولة .
لكنه يوم مميز
يستحق أن يكون أخر يوم لى في السجن
.


الثلاثاء، أبريل ٠٨، ٢٠٠٨

على هامش إضراب 6 ابريل


قبل أن ينقشع دخان القنابل المثيرة للدموع و تبدو الصورة واضحة أكتب هذه الكلمات في نقاط :

1) إضراب 6 ابربل نجح وبصورة غير مسبوقه في الدعايه له و إعلام الناس بموعده . فرغم أن الدعايه لم يستخدم فيها اليفط و الورق كعاده أى دعايه تتم في مصر إلا أن إستخدام النت ورسائل المحمول ساعد إلى حد كبير في توصيل الرساله إلى أعداد كبيرة من الشباب ، ثم بمجهود فردى من هؤلاء الشباب انتشرت الفكرة بصورة سريعه جدا ، لتنتقل عبر أرجاء النت ثم إلى أحاديث الناس في العمل و البيوت . و أكاد أقول أن كل صاحب رأى أو فكر في مصر أو مهتم بالشان العام علم عن الإضراب قبلها بوقت كافى . ثم ساهمت بعد ذلك الدعاية الحكومية المضاضه في إعلام كل طبقات الشعب به.

يمكن القول ببساطه أن 90% من الشعب المصرى كان يعلم بالإضراب ليله 6 أبريل دون ان نكون قد بالغنا .وهذه نقطة تحسب للإضراب و من أهم مزاياه .

2) نجاح الدعايه للإضراب يجرنا إلى النقطة الثانية وهى دور الإعلام الجديد و المدونات في صناعه الإضراب . فقد كشف لنا إضراب 6 ابريل أن هناك إعلام جديد ، حر ، مستقل ، قوى ، ومؤثر نمى في مصر و أصبح له قوة و وزن حقيقيين في الشارع المصرى . فبدون الحاجة إلى تلفزيون او قنوات فضائية أو صحف و مجلات نجحت الدعايه للإضراب ،و برغم أن الفضائيات لم تغطى الإضراب بالصورة الكافيه بسبب الضغوط الأمنية التى مورست عليهم إلا ان يوم الإضراب كلن بالنسبه له شهاده ميلاد على هذا الإعلام الجديد . ( يجب هنا ان أحى قناه bbc على التغطية المميزة للحدث وعدم قبولها للضغوط )

تقارير صوتية كل ساعه من أماكن التجمعات ،صور كل دقيقه من الأماكن الساخنه ، مقاطع الفيديو التى كانت تنقل لك الأخبار إينما كنت "على طريقه دعايه الجزيرة موبيل " ، الأخبار كانت تصل للمتابعين لحظة بلحظة لدرجه أنك قد تشعر أنك داخل الحدث بالفعل .مثلا " فلانه تم إختطافها من قبل الأمن ، بعدها بعشر دقائق ...فلانه أفلتت و هى الآن معنا ، او المواجهات تبدأ بين المتظاهرين .....الآن يتم إيقاف القطار في المحله ......وغيرها الكثير .

هذا يعطى دلاله عن أن الإعلام الحكومى مصيره إلى "سله المهملات" و أن الإعلام المستقل أصبح الآن على المحك و عليه أن يزيد من مساحه الحرية الخاصه به لكى يستطيع أن يلاحق ما يحدث الآن على النت و إلا سوف يكون مصيره مثل مصير سابقه .

من الطريف مثلا أنه تم تداول مقطع فيديو لمحمود سعد في برنامج البيت بيتك على القناه الحكوميه في بدايته ينقل فيه بيان الداخليه و بعد ذلك يعلق عليه و في التعليق دعا الوزراء إلى الإستقاله و سماع شكوى الشعب الغلبان . و هو مقطع ذكرنى بمقطع أخر كنت شاهدته أثناء الإعداد للتدوينه الخاصه بدروس التغيير من أوكرانيا ، حيث حصل موقف مشابه حيث قامت المذيعه الخاصه بالصم و البكم على التلفزيون الحكومى بنقل ترجمه مخالفه لمل يقوله المذيع تحضهم فيها على الخروج إلى الشوارع !!


شاهد محمود سعد ليله الإضراب وهو يتحدث عن الحكومة في منتصف الفيديو .

3) هل نجح الإضراب يوم 6 ابريل ؟

سؤال ليس من السهل الإجابه عليه .

جلوس الناس في البيوت كانت هى اكثر وسيله أسخدمها الناس في مصر .كل من وافق على الإضراب و كانت لديه الرغبه في عمل شئ ما فإنه شارك من خلال هذه الوسيله في الإضراب ، و هى الوسيله الرئيسيه التى دعا لها الإضراب منذ البدايه .بالطبع إختلفت نسب المشاركه من منطقه لأخرى ، ومن الوجه البحرى عن الوجه القبلى . لكن حتى من لم يشارك بالجلوس في بيته فإنه ظل يتحدث عن الإضراب في عمله (سواء بالسلب او الإيجاب ) و هذا أنا أعتبره نجاح أيضا ، لأن الفكرة أصبحت معروفه عند الناس و مفهومه و مقبوله عند مجموعه منهم ، و من لم يشارك فإنه ظل يتحدث عنها وهذا دليل على تأثيرها .

الدعوه للخروج إلى الشارع كانت الأكثر ظهورا من الناحية الإعلاميه لكنها كانت ضعيفه ، الأماكن التى تم بها مظاهرات بالفعل كانت قليله ، رغم المحاولات الكثيرة في أكثر من مكان للتجمع و رغم تحديد أماكن مسبقه للتظاهر . لكن يبدو جليا من خلال هذا الإضراب ان أى تحديد لأماكن التظاهر هو حكم بالفشل على المظاهرة لأن الأمن لن يسمح بذلك مهما كلفه الأمر .

عمال غزل المحله كان هم أصحاب اليد العيا فى هذا اليوم ، عدم مشاركتهم في البدايه كانت مفاجئة كادت تودى بحياه الإضراب ، ثم مشاركتهم بعد ذلك جعلت للإضراب بريقه المختلف .

يوم 6 ابريل لم يكون يوم عصيام مدنى بالمعنى المعروف لهذه الكلمه لكنه كان بروفه ناجحه للإعداد لهذا اليوم .

4) الأمر الذى أفقد يوم 6ابريل بهجته هو الفوضى التى عمت مدينه عزل المحله ، و الدمار الذى لحق بالمنشئات و القطارت ، البعض يفرح بمثل هذه أخبار لكنى أراها مؤشر خطير لم يمكن أن يحدث حقيقه أذا تطورت الأمور عن الحد ، او إذا فقدت السيطرة عليها .

بالطبع هناك أحداث قام بها الأمن و هى مصورة و منشورة ، لكن الأكيد أن أغلب هذه الأعمال قام بها أفراد مدنيين عاديين .

من هؤلاء الأفراد و من يقف ورائهم ليس السؤال الأهم

الأهم : فيما بعد كيف يمكن التعامل مع مثل هؤلاء ؟

اسئله صعبه لكنها بحاجة إلى أجوبة .

5) موقف الإخوان : عدم مشاركه الإخوان كان من نتيجته ظهور قوة جديده في الشارع هم "المناضلون الإلكترونيون" و لو شارك الإخوان ما علم احد بهؤلاء . هذه نقطة

النقطة الثانية أنه لا يجب بأى حال من الأحوال تخوين الإخوان أو إتهامهم بالعماله إلى الأمن كما تردد على بعض المدونات التى تتابع الحدث لأنهم لم يشاركوا في الإضراب ،فهذا كلام ليس من المنطق أو العقل . و تخوين فصيل مثل الإخوان و إدعاء عمالته للأمن بعد كل هذه المحاكمات العسكرية و الإعتقالات غير منطقى و مثير للغيظ .

الإخوان لهم حساباتهم و رؤيتهم المختلفه للموضوع .

وهما باركوا الإضراب لكن لم يشاركوا فيه و لم يمنعوا أحد من أفرادهم من المشاركة فيه . وتصريحات المرشد و كلام الدكتور عصام العريان على الجزيرة في ما وراء الخبر أكد هذا الكلام.

و أغلب من أعرفهم شاركوا في الإضراب من خلال الجلوس في المنزل . وهذا نوع من المشاركة لو أردنا الإنصاف . و هناك فريق شارك في المظاهرات .ولا يجب عليه أن يضع لافته مكتوب عليها إنا إخوان حتى يثبت أن الإخوان شاركوا .

ومعلوم أن الإخوان دعموا كل الإضرابت الفئويه المطالبه بحقوق أصحابها (الأطباء/ اعضاء هيئة التدريس / الأسنان .....) و إختلاف منهج الإخوان في التغيير السياسي عن منهج غيرهم لا يعطى الحق للأخرين لإتهامهم بالجبن و العماله بعد كل ما يحدث لهم .

هذه نقاط سريعه ربما يتم إيضاحها فيما بعد

أو من خلال المناقشات .

في أمان الله .

السبت، أبريل ٠٥، ٢٠٠٨

الهمجية بالفيوم كلاكيت تانى مرة




لتعيد تذكير كل من سولت له نفسه أن الأمور قد تغيرت وأنها كانت غلطه و مش هترجع تانى .

جامعات مصر في أغلبها شهدت هذا العام واحده من أسوأ أعوامها في جانب الحريات منذ نشأتها .

فما حدث في جامعات مصر هذا العام لم يكن ليتصور أن يحدث قبل 80 عام و مصر تحت الاحتلال الإنجليزي .

وقت أن كانت جامعات مصر هي المحضن الطبيعي لكل الطلاب الراغبين في مصر حرة و مستقلة ( لازلنا بعد مرور 80 عام نطالب بنفس المطالب ....مصر الحرة و المستقلة عن أي تأثير أجنبي ) ، منذ أن خرجت من الجامعات و المساجد ثورة 19 ، و بعدها عندما كانت الجامعة هي المكان للتعبير عن رفض أو قبول الحركة الوطنية في مصر لأي سياسة يقوم بها الاحتلال الإنجليزي .

بعدها كانت ساحات الجامعات هي المكان المناسب للضغط على الملك من أجل قضية فلسطين ، و بعدها تحولت هذه الساحات للمكان الذي تدرب فيه المجاهدين قبل ذهابهم إلى فلسطين .

وتبقى حادثه كوبري عباس هي الأشهر في تاريخ الحركة الطلابية المصرية في مرحله ما قبل الثورة لبيان مدى قوة هذه الحركة و مدى همجية النظام في ذلك الوقت للتعامل معها . حيث لم يكن هناك حل لهذه الأعداد الهائلة من الطلبة التي تقف على كوبري عباس و التي تطالب بحقوقها من الحرية و الاستقلال إلا أن يتم فتح الكوبري عليهم ليسقط أعداد كبير منهم في النيل .

بعد الثورة كانت الجامعة هي المكان الذي خرجت منه جموع الشعب للمطالبة بالحرية و الديموقراطية في مارس 54 بقياده الشهيد عبد القادر عودة عليه رحمه الله ،و حاول النظام وقتها منع الآلاف من الوصول إلى القصر الجمهوري بغلق الطرق و الكباري ، فما كان من الطلاب إلا أن عبروا النيل سباحة أو من خلال المراكب . ولم يتورع النظام وقتها في إطلاق الرصاص على الطلبة ليسقط عدد منهم شهيد و أخر جريح . أحد الذين حضروا هذا اليوم ذكر لي كيف كانت حماسه الشباب وقتها ، و أنه لا شئ سيمنعهم من الوصول إلى القصر الجمهوري لتوصيل مطالبهم و كيف كان الشباب يتسابق في عبور النيل سباحه أو من خلال تأجير المراكب .

بعدها دخلت جامعات مصر إلى حظيرة القمع راضيه مرضيه .

و انتهى دور الجامعة كمحضن للمطالب الوطنية إلا أن أطلت علينا هزيمة 67 ، وقتها تذكر الجميع الجامعة و ساحاتها و نضالاتها . فعادت من جديد تنبض بالحياة من أجل نقس المطالب ( الحرية و الاستقلال ) ، الحرية من المستبد الداخلي و الاستقلال بإستعاده الأرض المفقودة . وقتها تذكر الجميع الجامعة و كتب أمل دنقل قصيدته الشهيرة الكعكة الحجرية .

و من وقتها لم تصمت الحركة الطلابية .

ضغطت على السادات من أجل حرب أكتوبر ، و كان أشهر الفاعليات الاعتصام الذي نظم في جامعه القاهرة من أجل هذا المطلب .

ثم وقفت في وجه السادات ضد السلام مع إسرائيل و ضد اتفاقية كامب ديفيد و ضد سياسة الانفتاح سداح مداح . وأحس النظام وقتها بمدى قوى الجامعة فبدأ مجموعه من الإجراءات لتحجيم الطلاب بدأت وقتها بتغيير اللائحة الطلابية إلى اللائحة الحالية التي سلبت من الطلاب كل حقوقهم و حرياتهم ووضعتها في يد الأمن . ثم بإضافة امتحانات التيرم و الميد تيرم ( و عما قريب الربع تيرم و الثمن تيرم ........إلخ )

بالفعل أثرت هذه الإجراءات على الطلاب .

وشيئا فشئ

فقدت الحركة الطلابية الوطنية بريقها وقوتها .

كانت تظهر من أن لأخر في المناسبات فقط . (حرب العراق و الكويت 91_ الانتفاضة الفلسطينية _ حرب العراق ) لكن هذه المناسبات _ويا للغرابة_ كانت كلها لأحداث خارج مصر .لم يخرج طلاب مصر منذ أكثر من 25 عام للاعتراض على حدث داخلي أو للمطالبة بشأن داخلي !!

وحتى في الأحداث الخارجية كان الخروج بطريقه دلت على أن الوضع قد اختلف و أن الطلبة لم يعودوا نفس الطلبة .

أتذكر مثلا في مظاهرات الإنتفاضه الفلسطينية و أنا أسير بها أن الهتاف كان

( يا قسامى يا حبيب ، دمر دمر تل أبيب)

ظل الطالب بجانبي ينادى ( يا قذافى يا حبيب ، دمر دمر تل أبيب )

بعد فتره عندما صححت له الهتاف وقلت له أننا نهتف للقسامى و ليس للقذافى بتاع ليبيا فرد على و قال : ومين القسامى ده ؟!!

وفى مظاهرة الدكتور عبد العزيز الرنتيسى عقب استشهاده و الذي جاء بعد وقت قليل من استشهاد الشيخ ياسين و أنا أعبر باب جامعه الفيوم لألحق بالمظاهرة كان يسير أمامي فتاتين دار بينهما الحوار التالي :

ـــ ياااااااااااه ، كل يوم مظاهرات ! إحنا مش هنخلص بقى من الموضوع ده !

ــ دى مظاهره عشان شيخ مات في فلسطين اسمه "ياسين" ، و هما زعلانين عليه .

ما أغاظنى وقتها أنها حتى لا تعرف إسم الشيخ أحمد ياسين و لا تعرف أن هناك أخر قد أستشهد أسمه الرنتيسى و إحنا زعلانيين عليه برضه !

لم يعد الطلبة هم نفس الطلبة ،

حاله من التخطيط المنظم تمت لإماته الطلبة .

الآن في الفيوم

كان هذا العام دليل على هذا الأمر.

ما تم في جامعه الفيوم من الانتهاكات تكفى لإسقاط الحكومة و محاكمتها أمام القضاء و إصدار أحكام بالسجن عليهم .....هذا بالطبع إذا كنا في مجتمع نصف ديموقراطي !!

أحداث التيرم الأول كانت شديدة القسوة

لكن التيرم الثانى حمل لنا أحداث أشد قسوة .

لم أكن أعلم أن الهمجية يمكن ان تصل إلى هذه الدرجة

لو شاهدت الفيديو الذي تم تصويره للطلبة و هم محاصرون داخل الجامعة بعد إقامتهم معرض لأجل فلسطين و لا يستطيعون الخروج من أي باب من أبواب الجامعة . لماذا ؟

لأن أي شخص سيحاول الخروج من الباب فإن هناك قوة من البندر و المباحث و حرس الجامعة و مخبري و ضباط أمن الدولة بالإضافة إلى قوات الأمن المركزي في انتظارهم للقبض عليهم .

و الكلام شديد الوضوح و لا يحتمل التأويل :

إللى هيطلع النهارده هيتقبض عليه ، إحنا كده كده هنقبض على حد !!

أنت الآن طالب بالجامعة قادك تفكيرك إلى المشاركة في معرض من اجل أطفال غزة ، وبعد أن انتهيت من المعرض اكتشفت أنه بسبب هذا الخطأ الذي أقترفه بالمشاركة في مثل هذا معرض فإن مصيرك إلى المعتقل و بئس المصير !

تقترب من الباب فتجد كل هذه القوات واقفة في انتظارك .

تصاب بالهلع

فزميلك حاول الخروج فوجد مجموعه من المخبرين لاختطافه فساعده الطلاب المحيطين به من الإفلات من أيديهم .

وعاد ووجه محتقن بعد تجربة مريرة كانت ستنتهي بالاعتقال .

أنت بالتأكيد ستعيد التفكير مليون مرة قبل أن تعيد مثل هذه التجربة

لذا تقرر أن تخرج من الجامعة قفزا من فوق الأسوار ، أو من خلال فتحات في سور الجامعة .

بعد خروجك تجد أن الأمر قد اكتشف

و كل هذه القوات تجرى خلفك للقبض عليك .

تظل تجرى بكل ما أوتيت من قوة

ومن جهد

ومن عزيمة

محاولا ألا تفقد الأمل

وألا تفقد نفسك في نفس الوقت !!

لكنك بعد جرى لمسافات طويلة و لمده تزيد عن الثلث ساعة خارت قواك

وسقطت في أيدى الأمن !!

زملائك كان حظهم أفضل

فبعد خروجهم خارج الجامعة باعجوبه

وجدوا أنفسهم محاطين بمجموعه من المخبرين ولا مكان للفرار ؟

فتم اقتيادهم إلى أحد عربات الميكروباص التي كانت مجهزة لاستقبالهم .

طبعا بعد أن قام المخبرين بالواجب أولا !!

( اختطاف ، تهديد ، ضرب و تعذيب ، بلطجه...........تكلم عن حجم الانتهاكات كما تريد أنا هنا أنقل ما حدث و لا أحصر الانتهاكات )

الصور بالطبع تنفى أي شبهه مبالغه في الموضوع أو تجنى على الأمن .

لكنى أسئل نفسي :

لمصلحة من يتم هذا؟

من المستفيد ؟؟

ما الفائدة التي تعود على (الطالب/ أو الجامعة /أو الأمن /أو النظام الحاكم /أو مصر )من جراء مثل هذه الأفعال ؟؟

هؤلاء الطلبة قاموا بعمل سلمى حضاري بنية طيبه .

فلماذا تم التعامل معهم بهذه الطريقة ؟

انا أقول لك :

لأنهم مستأذنوش

لأنهم غير شرعيين

لأنهم عملوه دون أذن الكلية .

هذه هي الحجة .

لكن أرد عليك أيضا بهذه القصة :

عندما كنت طالبا ذهبت يوما لمقابله قائد الحرس بالكلية بعد أن إستدعانى لمقابلته بسبب حفل لتكريم المتفوقين بالكليه شاركت فيه .

عندما تحدث معى بان ما قمت به خطأ . و أن الكلية فيها نظام و إللى عاوز يعمل نشاط لازم يكون بالطريق القانوى .

قلت له و ما لطريق القانوني؟

قال : إتحاد الطلبة .

ــفين إتحاد الطلبة ده !! إحنا بنصحي الصبح نلاقى أسماء ناس متعلقين على إنهم أعضاء إتحاد الطلبة دون انتخابات .

قال لي : إحنا هنعمل انتخابات السنه دى .

ــإذا سجل أسمى معاك في هذه الانتخابات ، أنا أول واحد هترشح .

ــ قال لي : بغض النظر عن إتحاد الطلبة ، فيه طرق تانيه قانونية زى الأسر الطلابية مثلا .

قلت له : حضرتك وافق لنا على أسرة و أنا مستعد أقنع الطلبة بتقليل حجم النشاط إلى النصف و إننا منعملش أي عمل بغير موافقة الأمن . ( كان هذا تنازل شديد لم أعرف كيف أقدمت عليه ، وبعد أن قلته شعرت أنه لو وافق على هذا العرض فإنه من المستحيل أن أقنع الطلبة به ).

فرفض .

هكذا ببساطه ......رفض .

قلت له : لا تلومنا إذا قمنا بأي نشاط في الكلية ، أنت الذي رفضت الطريق القانوني و لم تترك لنا خيار أخر !!

هذه الحادثة _لولا الملامة _ لأقسمت أنها تمت في كل الكليات التي بها نشاط طلابي بصورة أو بأخرى ، و كانت النتيجة واحده في كل الأماكن .

يا ساده

نحن نحكم على جيل كامل بالموات إذا منعنا عنه أي نشاط ،

ووضعنا قيود حازمة على حركاته ،

و أحطناه بسياج من التهديد و الخوف .

لأن إللى في دماغه فكرة مش هيغيرها بالطريقة دي أبدا

و هيفضل يقول :

مش هنبطل

مش هنسافر

مش هنسيب.


فيديو يوضح محاصرة الأمن للجامعة .



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مصر ليله إضراب 6 أبريل

رايحه على فين ؟